الفصل السادس

من كتاب الشخصية

للكاتب عبد الله خمّار

 

دراسة الشخصية الحقيقية

غايات العظماء ووسائلهم

ولكن ما الذي يجعل من العظيم عظيما يستحق أن تدون سيرته وأن تدرس؟ إنما يختلف العظماء عن سائر الناس بالغايات والوسائل،فغاية الناس العاديين إسعاد أنفسهم وأسرهم وتربية أولادهم تربية صالحة،إلى جانب خدمة مجتمعهم بوظائفهم ومهنهم، وهي غاية نبيلة ولكنها محدودة في الأسرة والمهنة. ووسيلتهم إلى ذلك العمل الجاد بأمانة وإخلاص، وهي وسيلة شريفة ما في ذلك شك.ولكن غاية العظماء تتجاوز أنفسهم وأسرهم ووظائفهم إلى مجتمعاتهم وإلى الإنسانية جمعاء، فتصبح غاية العظيم السياسية إعلاء شأن بلاده أو تحريرها من الاستعمار، والعلمية اختراع آلة مفيدة للإنسان، أو دواء يخفف عنه آلام المرض وهكذا بالنسبة للغايات الأدبية والفنية وغيرها.

وقديما قال المتنبي:

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ      وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

وتعظم في عين الصغير صغارها       وتصغر في عين العظيم العظائمُ

شرح ديوان المتنبي (4) عبد الرحمن البرقوفي ص 94

فالصغير يرى صغار الغايات كبيرة لا يستطيع القيام بها،والعظيم يرى كبار الغايات صغيرة على همته وعزمه،مهما كلفته من عناء وتعب. وقد يضعف الجسم أمام هذه الغايات، ولكن النفس تظل قوية لا تتوقف عن العمل.

وإذا كانت النفوس كباراً        تعبت في مرادها الأجسامُ

المصدر السابق ص64

ولا يستطيع كثير من الناس دفع ثمن العظمة الباهظ، الذي لا يشترى إلا بالجهد والدم والعرق ولولا ذلك لأصبح الناس كلهم عظاما.

لولا المشقة ساد الناس كلهُمُ        الجود يفقر والإقدام قتالُ

المصدر السابق (3) ص406

غاية العظماء وغاية الشهداء:

وهكذا ينذر العظماء حياتهم لقضايا بلادهم أو للعلم أو للأدب أو للفن ويخدمون الإنسانية بمختلف الوسائل الشريفة والنظيفة والخلاقة، ويغنون تراثها بمآثرهم وأعمالهم واختراعاتهم وأشعارهم ورواياتهم ولوحاتهم وتماثيلهم.وهذا ما يميز العظماء عنا، ويجعلنا ننظر إليهم نظرة إجلال وتقدير واحترام. فغايتهم إسعاد المجتمع كله، ووسيلتهم البذل والعطاء والتضحية بالنفس أحيانا،وبالمال أخرى، وبالجهد والوقت، وهذا ما يجب أن نبرزه في حياة كل عظيم:غايته ووسائله التي تترجم إلى مآثره وإنجازاته كلها.

ومن أجل ذلك نعد الشهداء الذين بذلوا دمائهم في سبيل أوطانهم عظماء، فقد كانت غايتهم تحرير أوطانهم، وهي غاية وطنية نبيلة، ووسيلتهم الجود بالنفس، والشاعر العربي يقول:

"والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ"

لماذا ندرس سيرة العظماء؟

ونحن ندرس سيرة العظماء لسببين: الأول هو ذكر مآثرهم في المجال الذي أبدعوا فيه، عرفانا بجميلهم على مجتمعهم أو على الإنسانية جمعاء. والثاني هو اقتداء الشباب بهم، وليس معنى ذلك أن يصبح الشاب نسخة عنهم، فلا يمكن أن يكون ثان لعمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، أو للأمير عبد القادر الجزائري والحداد وابن باديس والإبراهيمي رحمهم الله، ولكننا نقتدي بهم قي سلوكهم وأخلاقهم ومثابرتهم، لا في وسائلهم وأساليبهم فلكل عصرمشاكله وأساليبه في مواجهتها. وعلى الإنسان أن يكون ابن عصره، فيفيد مجتمعه، ومن أراد أن يقلدهم دون النظر إلى فارق العصر،فقد ظلم نفسه، وظلم أمته، وظلمهم أيضا، لأنه يحسب عليهم، وقد كانوا روادا في عصرهم، بينما يبقى متحجرا يطبق أساليب زمنهم لا أساليب زمنه.

خطوات دراسة الشخصية الحقيقية:

إن دراسة الشخصية الحقيقية هي مهمة كاتب السيرة أو الترجمة والخطوات التي يتبعها في دراسته للشخصيات التاريخية والمعاصرة هي جمع المعلومات والوثائق المتوفرة عن بيئتها ونشأتها.. أقوالها أفعالها مبادئها، علاقاتها الإنسانية المختلفة، تأثيرها فيما حولها،  أي كل ما يتعلق بها، ثم تصنيف هذه البيانات والتحقق من مصادرها، ومقارنة ما هو متناقض منها ونبذ مالا يصمد أمام الواقع  ثم تحليلها واستخلاص النتائج.

منهجية الترجمة:

ومن الضروري إذن أن يكون كاتب السيرة أو الترجمة منهجيا في تصنيفه، موضوعيا فيما يورده من معلومات.

وهذا نص من كتاب جرجي زيدان من سلسلة أعلام العرب يبين فيه مؤلفه عبد الغني حسن طريقة "زيدان" في ترجمته للأعلام والمشاهير:

"وجرى زيدان في الترجمة على نهجه المعروف من التحري والضبط، ولم يكتف بالنقل والسماع في الترجمة للأموات، ولكنه في الترجمة للأحياء من معاصريه اعتمد على المعاينة والخبرة والمعرفة الشخصية، وندعه يقول في هذا بعبارته: "وقد بذلنا الجهد في تحري أعمال هؤلاء المشاهير ومناقبهم من أوثق المصادر، وأصدق الروايات، مع ما خبرناه بنفسنا ممن عاصرناهم وعرفناهم"

 تراجم مشاهير الشرق: جرجي زيدان-ج2 ص1

وتمتاز تراجم زيدان بأنه يذكر في صدر كل ترجمة تاريخ ميلاد المترجم له، وتاريخ وفاته،ولم يكن يخل بهذه القاعدة إلا حين يترجم لواحد من الأحياء كما فعل في ترجمته للخديوي عباس الثاني، أو حين لايصل إلى علمه تاريخ ميلاد المترجم له .

ونستطيع أن نصنف كتب التراجم والسير إلى أربعة أقسام:

1- السيرة الطويلة التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا أحصتها، وأهمها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم،وأشهر من كتب فيها ابن هشام وذلك في أربعة مجلدات، ثم السير الشعبية المليئة بالبطولات والتي تصل إلى حد الحكايات الخرافية،مثل سيرة عنترة، وسيرة الملك اليمني سيف بن ذي يزن، وكلها قديمة.

2- الكتب التي تختص بالترجمة لشخص واحد وكلها حديثة كالعبقريات للعقاد:مثل "عبقرية محمد" و"عبقرية عمر" و"عبقرية علي" ومحمد بن أبي شنب للشيخ عبد الرحمن جيلالي، والشيخ عبد الحميد بن باديس للدكتور رابح تركي وغيرها.

3- الكتب التي تترجم لمجموعة الأعلام، مثل: الشعر والشعراء لابن قتيبة ترجم لمائتين وستة من الشعر، وطبقات فحول الشعر لابن سلام الجمي، والأغاني لأبي فرج الأصفهاني الذي ترجم فيه للمغنيين والشعراء وبعض الخلفاء والوزراء، والفهرست لابن النديم ويورد فيها ا سماء الكتب وأخبار مؤلفيها ومعجم الأدباء لياقوت الحموي وكلها قديمة أما معجم الأعلام للشاعر السوري خير الدين الزركلي، فهو حديث ظهر في أواخر الخمسينات وأما في الجزائر فنجد كتاب "البستان"ُ لابن مريم المديوني في القرن الخامس عشر الميلادي وقد خصص معظمه لرجالات تلمسان من علماء وموظفين وأولياء صالحين، و"تعريف الخلف برجال السلف" لأبي القاسم محمد الحفناوي في بداية هذا القرن. ومعجم مشاهير المغاربة من إعداد فرقة البحث في جامعة الجزائر بإشراف الدكتور أبو عمران الشيخ رئيس الفرقة وأعضاء الفرقة هم: زهير إحدادن، علي الإدريسي، جلول حلمو، علي علواش، محمد الشريف قاهر،مالحة بن ابراهيم. أما "كتاب تاريخ الجزائر الثقافي" للدكتور سعد الله فهو كتاب شامل تعد التراجم جزءا هاما منه.

4- السيرة الذاتية: وسنتحدث عنها في حينها.

أمثلة عن سير الكتب والتراجم:

وإذا استعرضنا خطة بعض كتب السير والتراجم نجدها تؤرخ لصاحب السيرة منذ ولادته إلى وفاته، مبينة نشأته وتكوينه وثقافته وذكاءه، وصفاته، وعلاقته بمن حوله، وما قام به من أعمال ومآثر، وما تركته من مؤلفات تبين غايته وأهدافه في الحياة، ودوافعه ووسائله. ثم تلخص ذلك في تقييم إجمالي لشخصيته، فهذا عباس محمود العقاد يتبع خطة في العبقريات تشمل ذلك كله، ففي "عبقرية عمر" رضي الله عنه. نجده يصنف ترجمته حسب النقاط الآتية:

"عبقري"، رجل ممتاز، صفاته، مفتاح شخصيته، إسلامه، عمر والدولة الإسلامية، عمر والحكومة العصرية، عمر والنبي (ص)، عمر والصحابة، ثقافة عمر، عمر في بيته، صورة مجملة.

عبقرية عمر ص240

وفي عبقرية الإمام علي يصنف ترجمته حسبما يأتي:

"صفاته، مفتاح شخصيته، إسلامه، عصر الإمام، البيعة، سياسته، حكومته، النبي والإمام والصحابة، ثقافته، في بيته، صورة مجملة"

عبقرية الإمام علي ص232

كما نجد الشيخ عبد الرحمن الجيلالي يصنف ترجمة محمد بن أبي شنب وفق ما يأتي:

"أصله وأسرته، نشأته ودراسته،رحلته في طلب العلم، معارفه واجتهاده ومناصبه، مرضه الأخير ووفاته، صفاته الذاتية، أخلاقه وسجاياه، آثاره ومؤلفاته، ويختم الكتاب ببعض آثاره ورسائله وما كتب عنه"

محمد بن أبي شنب، حياته وآثاره

أهمية المراجع:

ولكن كتابة السيرة والتراجم تحتاج  إلى مراجع يجمع منها الكاتب عناصر بحثه، فإذا كانت المراجع قليلة ونادرة صعبت مهمة الباحث، ويوضح لنا المؤرخ أبو القاسم سعد الله بعض جوانب هذه المشكلة التي واجهته عند إعداد مؤلفه "محمد العيد آل خليفة، رائد الشعر الجزائري في العصر الحديث فيقول في الصفحة الثامنة من المقدمة:

"ويجب أن أذكر هنا أن أكبر أزمة واجهتني هي أزمة المراجع، فإن المكتبة العربية-كما قلت- تكاد تخلو من الكتب الأدبية عن الجزائر، وقد جعلني هذا أعاني من مشقة في البحث، ولاسيما في الجزء الخاص بحياة الشاعر الشخصية لأن الشاعر-كما سيرى القارئ-كان منصرفا إلى التفاعل مع الأحداث التي تعيشها بلاده ووطنه الكبير، ولا يلتفت إلى ذاته يغنيها، ومشاكله يعرضها، وحياته يفلسفها إلى قليلا، لذلك اعتمدت على شعره وعلى المشافهة والرواية، ومع ذلك أذكر أن "الشهاب" و"البصائر" كانتا أهم مراجع لي -بعد الديوان- إذ فيها نشر شعره، وعرفه القراء وأهديت إليه الألقاب الكبيرة، وزفت إليه تحايا الإعجاب والتقدير، وكذلك استفدت من كتاب "شعراء الجزائر في العصر الحاضر" لمحمد الهادي السنوسي "فوائد جمة".

وقد شق على الكاتب أن يرى الباحثين العرب يهملون أدب الجزائر القديم والحديث، أو يقدمون من كتبوا بالفرنسية على أنهم هم وحدهم أدباء الجزائر:

"وكان يعز علي حقا كذلك أن أرى بعض الباحثين العرب يقدموا من كتبوا بالفرنسية من الجزائريين على أن هم أدباء الجزائر العربية، وقصاصوها وشعراؤها ومفكروها. وكنت آسف حقا أيضا حين أرى بعض المتخصصين في الآداب العربية من أساتذة الجامعة والمعاهد العالية لا يتعرضون لأدب الجزائر القديم أو الحديث، ولا يستشهدون لأدبائها وشعرائها حين يدرسون قضية هامة شملت الوطن العربي جميعا في وقت ما بالأفراح أو الدموع".

المصدر نفسه ص6

ولعل هذا من العوامل التي دفعته إلى كتابة موسوعته الضخمة الرائعة "تاريخ الجزائر الثقافي" في عشرة أجزاء.

ومما يأكد قلة المراجع وندرتها، أن أبا القاسممحمد الحفناوي في الجزء الأول من كتابه الشهير "تعريف الخلف برجال السلف" اضطر أن يترجم لبعض الأعلام في سطر واحد أو سطرين مكتفيا بذكر الاسم وأحيانا بإضافة تاريخ الوفاة وهذه أمثلة:

العلامة أحمد النقاوسي البجائي

قال تلميذه أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي: شيخنا الإمام المحقق الجامع بين علم المنقول والمعقول، ذو الأخلاق المرضية والأحوال الصالحة السنية.

ص345

أحمد بن يعقوب العبادي

أحمد بن محمد بن يعقوب العجيسي الشهير بالعبادي، يكنى أبا العباس، توفى في تلمسان سنة 867 هـ

المصدر نفسه والصفحة نفسها

سليمان الوهراني

سليمان الحميدي الوهراني أبو الربيع.

قال القلصادي في "رحلته" :اجتمعت به فيها، وكان فقيها إماما.

المصدر نفسه ص446

وغني عن القول، أن هذه الترجمة لا تعرفنا بالمترجم لها، لأن المؤلف لم يستطع الحصول على معلومات عنه، فاكتفى بذكره.

مسؤولية أبناء المغرب العربي:

ويحمل الدكتور سعد الله أهل المغرب العربي جزءا من المسؤولية عن إهمالهم الشعر وعدم اهتمامهم بتدوين ما أنتجته قرائح شعرائهم ولاسيما في العهد العثماني:

"فدواوين المنداسي وابن علي وابن عمار والمقراني وابن حمادوش والمانجلاتي وابن سحنونوابن الشاهد وأضرابهم لم تنشر أو تعرف بعد. وكل ما نعرفه عن هذا الشاعر أو ذاك هو بعض الأبيات أو القصائد المثبتة عرضا في أحد المصادر التاريخية أو الفقهية أو المتفرقة في الوثائق العامة، ولعل هذه الظاهرة، ظاهرة الإهمال للشعر وأهله، تؤكد ما ذهب إليه ابن خلدون من أهل أن المغرب العربي قد أضاعوا رواية أشعارهم وأخبارهم فأضاعوا أنسابهم وأحسابهم".

تاريخ الجزائر الثقافي (2).د.أبو القاسم سعد الله. ص247

حاجتنا إلى دراسة أعلامنا:

وما أحوجنا في الجزائر إلى دراسة شخصياتنا العظيمة التي ظلت أعمالها محجوبة طيلة العهد الاستعماري، ويستحسن التركيز في القسم على تكليف بعض التلاميذ بالاهتمام بالشخصيات المحلية التاريخية في المنطقة والتعريف بها، وليس هذا من قبيل الإقليمية بل لأن شخصيات المنطقة، لن تجد أحسن من أبنائها لجمع المعلومات عنها بسهولة ويسر، وتكليف جزء آخر بالاهتمام بالشخصيات الوطنية، وجزء منهم بالتعريف بالشخصيات العربية الإسلامية ثم بالشخصيات العالمية الإنسانية التي أثرت الحضارة الإنسانية في كل المجالات، على أن تكون هذه الدراسة علمية وموضوعية.

مخطط الدراسة:

وإليك المخطط الذي نقترحه للدراسة وهو لا يختلف عما رأيناه في دراسة الشخصيات الروائية، وليس المقصود منه تدريب التلاميذ على كتابة السيرة بمعناها الفني، بل تدريبهم على البحث وجمع المعلومات وتصنيفها ثم استغلالها في كتابة الدراسة:

أ- تحليل المترجم له بالإجابة عن الأسئلة الآتية:

1- من هو؟ استخلاص مقوماته الجسمية والنفسية والاجتماعية:

أولا- مظهره الخارجي(الجسم والثياب).

ثانيا- تكوينه النفسي والاجتماعي:

أ-مولده ونشأته وأسرته وبيئته وعصره.

ب- ثقافته(تعليمه وأساتذته).

ج-ذكاؤه.

د-الجانب الانفعالي الوجداني:

I- مزاجه.II-انفعالاته.III-عواطفه.VI-طباعه وسلوكه.

2- ماذا يريد؟ غايته في الحياة: علمية،دينية- أدبية- قومية-إنسانية.

3- ما دوافعه؟ شخصية- اجتماعية-إنسانية..الخ.

4- ما وسائله؟ هل هي شريفة أم دنيئة.

أولا-أعماله ومآثره.

ثانيا-مواقفه.

ثالثا-آثاره إن وجدت:مؤلفات شعرية أم نثرية.

5- ما طبيعة علاقاته بمن حوله؟ علاقات الوئام والانسجام أو التوتر والصدام بسبب توافق الغايات أو اختلافها.

ب-تقييمه الإجمالي:

1-تقييم الأعمال التي قام بها وأثرها فيمن حوله وفي مجتمعه وفي الإنسانية.

2-إبراز دوره ودور المجتمع (بما فيه دور الأسرة والأساتذة والأحداث) في ظهوره ونبوغه. فالمجتمع له دور في حياة الفرد، كما أن للفرد دورا في تقدم المجتمع، وعلى سبيل المثال تعميم التعليم بعد الاستقلال جعل كثيرا منا يتمون تعليمهم الثانوي والجامعي، ولولا الاستقلال لكان أكثرنا الآن خماسين ورعيانا.

ما يجب إبرازه:

وما تجدر الإشارة إليه أننا نركز في ترجمتنا للقائد السياسي على صفاته القيادية، وأعماله في هذا المجال، وفي ترجمتنا للعام إلى صفاته العلمية ومساهمته وآثاره في هذا الميدان، وكذلك بالنسبة للفنان أو الأديب، فنبرز في كل منهم الجانب الذي نبغ وأبدع فيه.

ما يطلب من التلميذ:

هناك نوعان من تمارين الدراسة ينتظران التلميذ:

1-النوع الأول هو اختيار كتاب مطبوع عن سيرة أو ترجمة أحد العظماء من الجزائريين أو العرب أو من عظماء الإنسانية في مختلف مجالاتها العلمية والطبية والأدبية والفلكية.أو في أي مجال آخر، فيلخص بيئة الكاتب ومولده ونشأته في فقرة، ثم يلخص صفاته العلمية أو السياسية أو الأدبية في فقرة.

ويخصص فقرة لتلخيص أهدافه ومبادئه ودوافعه، وفقرة أو فقرتين لأهم أعماله ومآثره ومؤلفاته يظهر فيها نبل وسائله، وفقرة أخرى لعلاقاته بمن حواه، ويقدم لموضوعه بفقرة أخرى يتحدث فيها عن العصر الذي نشأ فيه ويختمه بتقييمه وتقييم أعماله مبرزا تأثيره في مجتمعه أو في الإنسانية، مبينا سر نبوغه ودور فطرته ودور أسرته وأساتذته في ذلك، ولبد من ذكر تاريخ الوفاة إذ لم تكن الشخصية على قيد الحياة.ولا يعني هذا تلخيص الكتاب، بل فهمه وتقديم أهم ما في حياة المترجم له من خلال المخطط المذكور آنفا.

2-النوع الثاني هو اختيار شخصية محلية علمية أو أدبية لم يطبع عنها كتاب فعلى التلميذ أن يحاول جمع مصادر البحث من الشخصية نفسها ومن أعمالها المطبوعة، ومن الحوار مع الناس عنها، وأن يكتب عنها دراسة مفصلة وفق المخطط المذكور. ثم يقرأ ملخصا عن هذه الدراسة في القسم.

طرق أخرى لدراسة الشخصية:

ويمكن لنا بالطبع دراسة جانب واحد أو أكثر من جوانب الشخصية، كأن ندرس عدالة عمر بن الخطاب، أو بلاغة علي رضي الله عنهما، أو مراسلات الأمير عبد القادر، ويمكن أن تشترك مجموعة من التلاميذ في دراسة شخصية واحدة، يدرس كل منهم جانبا من جوانبها المتعددة.

تمرين1

اقرأ النصوص الآتية وأجب عن أسئلتها كلها إلا السؤال المتعلق بدراسة الشخصية، فاختر للدراسة شخصية واحدة جزائرية أو عربية أو عالمية أعجبت بها في أي مجال من مجالات الكفاح من أجل التحرر أو مجالات العلوم والآداب والفنون، وتتوفر لها مصادر البحث في مكتبتك أو مكتبة المدرسة أو مكتبة البلدية أو الوطنية:

1-الأمير عبد القادر 1808 -1883:

أ- "أصبح عبد القادر يرى نفسه الآن مؤسس إمبراطورية.إن عبقريته القوية النشيطة قد نجحت في منح الالتحام والوحدة لعناصر كانت على جانب كبير من التخاصم والاختلاف. فقد خضعت لصولجانه العظيم مئات القبائل، وكان المرء يلاحظ في كل مكان النتائج للنظام والحكومة الصالحة. وكانت علاقاته الخارجية تشهد على قوة سلطته وعظمة شهرته، فحكام المغرب الأقصى ومصر وتونس وطرابلس كلهم كانوا يتسابقون إلى كسب احترمه والإعجاب به. وعلماء مكة والإسكندرية كانوا يرقبون بفرحة قدسية وبأمل كبير، أعمال رجل كان يظهر أن القدرة الإلهية قد اختارته لإحياء أمجاد الإسلام الغابر".

ب- "ولما كان عبد القادر يتقد غيرة لتحقيق مهمته العظيمة علة أكمل وجه، فإنه لم يضيع ساعة واحدة، نهارا أو ليلا في التخطيط والترتيب وتنفيذ مشاريع جديدة للتقدم والإصلاح. لقد كان الهدف الأسمى والأشمل لعبد القادر هو جعل عرب الجزائر شعبا واحدا، ودعوتهم للمحافظة على دينهم، وبعث روح الوطنية فيهم، وإيقاظ كل قدراتهم الهامدة، سواء للحرب أو للتجارة أو للزراعة أو للأخلاق والتعليم، ثم تتويج ذلك كله بطابع الحضارة الأوروبية".

أ- "إن نشاطه العجيب وحيويته وتفكيره الخلاق قد جعلته يتغلب على صعوبات كان يبدوا من المستحيل التغلب عليها. وإن سيفه المنتصر سواء في ضربه العدو من الخارج أو خصومه من الداخل. قد برهن على طاقة لا تقهر لإرادة تنفذ ما تشاء. وقد قرر الآن أن يجعل غيره يرى أنه يستطيع تحقيق الانتصارات بدون جنوده، وافتكاك أكاليل الغار دون أن تلوث بالدماء. إن عبد القادر المحارب والخطيب والدبلوماسي ورجل الدولة والمشرع، تكمن أسرار قوته في عظمته العقلية، فرسائله وخطبه وأحاديثه كلها تحمل طابعها الخاص في الجدة والأصالة. والحق أن بيانه الطبيعي الذي أغنته الدراسة وأنضجه التفكير وارتقت به مهابته الفذة كان له وقع السحر".

    حياة الأمير عبد القادر ص148-شارل هنري تشرشل-ترجمة د.أبو لقاسم سعد الله

الأسئلة:

1-وضح غايات الأمير وأهدافه، وما هي الوسائل التي اتبعها لتحقيق هذه الأهداف؟

2-استخرج من النص صفات الأمير القيادية.

3-وضح علاقة الأمير بمن حوله من خلال النص.

4-ألا تتعجب من تأليف كولونيل إنكليزي كتابا عن الأمير يصفه فيه بكل هذه الصفات؟وعلام يدل ذاك في نظرك؟

 

2- الشيخ محمد أمزيان الحداد 1793-1873م:

وقد ترجم له وكتب عنه بسام العسلي في كتابه محمد المقراني وثورة 1871 الجزائرية فأبرز نشأته وأسرته وتكوينه ثم أعماله في الزاوية الرحمانية:

أ- "كان الموطن الأصلي لأجداد الحداد هي قرية بني منصورفي جبال البيبان على الضفة اليمنى لواد الساحل والصومام- في مواجهة السفوح الشرقية لجبال جرجرة- (وغير بعيد من أقبو الحالية. وانتقل البعض من هذه القرية إلى قرية "تيفرة" و"إيمولة" و"صدوق" أو فلة الفوقانيةُ ببني الغيد على الضفة اليمنى لوادي الصومام. وقد اكتسبت العائلة اسمها من احترافها لمهنة "الحدادة". وقد ولد محمد أمزيان الحداد سنة 1208هـ 1793م. وتلقى تعليمه في زاوية الشيخ ابن إعراب في قرية "آية إيراثن" بجبال جرجرة حتى إذا ما توفر له القدر الكبير من المعرفة والعلم عاد إلى صدوق، وتفرغ للوعظ والإرشاد، وتكاثر أكثر من مائتي طالب، يأكلون ويشربون ويقيمون مجانا، في حين ارتفع عدد الأخوان من المئات إلى الآلاف. وتدفقت على الزوايا أموال الهدايا والزيارات، وحبس الإخوان عليها أوقافا كثيرة من الأراضي ذات المردود الواسع من الحبوب والغلال والخضار، مما ساعدها على أداء مهمتها الثقافية والدينية والإجتماعية، ومكنها من تقديم إعانات كثيرة للمعوزين والمنكوبين خلال المجاعة الكبيرة عامي 1867و1868. وعندما نفت السلطات الفرنسية شيخ الرحمانيين الشيخ عمر. أصبح الشيخ محمد الحداد هو الزعيم الملهم للإخوان الرحمانيين وامتدت سلطته الروحية ونفوذ زاويته على كل المنطقة الواسعة التي تشمل جبال البابور وحوض الصومام وجبال جرجرة وحوض الحضنة.

عرف عن الشيخ محمد الحداد عزوفه عن السلطة الرسمية، وقوة عاطفته الدينية، فكان أتباعه هم الممثلين الحقيقيين للطبقة الشعبية الفقيرة.

ب- "كان الشيخ محمد الحداد متقدما في العمر، ويميل بطبيعته للسلم، ويفضل التفرغ لأمور الدين، غير أنه كان من المحال فصل الدين عن أمور الدنيا، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالجهاد ضد أعداء الدين".

ج- "ما كاد الشيخ الحداد يعلن ثورته، حتى اندفع كل الناس لحمل السلاح تحت راية "الإخوة الرحمانيين" في ولايتي "عمالتي" الجزائر وقسنطينة، من حجوط ومليانة وشرشال غرب مدينة الجزائر إلى جيجل والقل شرقا، وباتنة وبوسعادة وسور الغزلان جنوبا. وشمل ميدان الثورة جبال البابور والوادي الكبير وحوض الصومام، وجبال جرجرة والبيبان، وحوض الحضنة وجباله وامتدت إلى سهل متيجة، وحاصر الثوار مراكز الإفرنسيين وقلاعهم العسكرية في بجاية ودلس وتيزي أوزو وأربعاء نايث إيراثن، وبرج منايل وذراع الميزان، وابن هني الأخضرية حاليا، وسطيف ونقاوس وجيجل والقل وشرشال وبو دواو وغيرها. واندفع إلى الثورة في أقل من شهر أكثر من مائة وعشرين ألف رجل محارب. في حين لم يستطع المقراني قبل ذلك تجنيد أكثر من (25) ألفا من مناطق برج بو عريريج وسور الغزلان وبوسعادة".

محمد المقراني وثورة 1871 الجزائرية ص145-148 بسام العسلي

 

الأسئلة:

1- شارك الحداد في ثورة المقراني ضد الحكم الفرنسي. فما أسباب هذه الثورة؟

2-  استخرج من النص صفات الشيخ الحداد.

3- استنتج من النص غاية الشيخ الحداد في الحياة ووسائله لتحقيق هذه الغاية؟

4- كيف انتهت ثورة المقراني والحداد؟ وما مصير كل منهما؟ وما مصير من شارك معهما في الثورة؟ راجع معلوماتك التاريخية للإجابة عن هذه الأسئلة.

5-  عالج موضوعا واحدا مما يأتي:

أ- قادت مقاومة الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي شخصيات وطنية بدءا من الأمير عبد القادر والمقراني والحداد، وبو عمامة وأولاد سيدي الشيخ إلى أن قامت الثورة المسلحة سنة 1954.

اختر شخصية من شخصيات المقاومة الجزائرية، واجمع المعلومات عنها من كتب التراجم وادرسها مركزا جانب المقاومة فيها.

ب-قدم مليون ونصف من الشهداء دمهم فداء على مذبح الحرية من أجل استقلال الجزائر بدءا من احمد زبانة، والعربي بن مهيدي وديدوش مراد ومصطفى بن بو العيد، وعبان رمضان إلى غيرهم من الشهداء الأبرار.

اختر شهيدا من هؤلاء الشهداء من منطقتك أو بلدك، وادرسه مبينا أهم صفاته ومزاياه.

ب- ساهمت المرأة الجزائرية في حركة المقاومة المسلحة، بدءا من لالافاطمة نسومر وانتهاء بشهيدات حرب التحرير مثل حسيبة بن بو علي، ووريدة مداد والمجاهدات جمياة بو حيرد وجميلة بو عزة وجميلة بو باشا.

جـ- اختر شخصية نسائية من شخصيات المقاومة في منطقتك أو بلدك وادرسها مبينا أهم صفاتها ومزاياها.

هـ- اختر شخصية من الشخصيات التي قاومت الاحتلال الروماني، أو شخصية من الشخصيات البارزة في عهد الدولة الحمادية أو الزيانية أو الرستمية وادرسها مبينا أهم صفاتها ومزاياها.

3-عبد الحميد بن باديس 1889-1940:

أ- "وقد مكث طالبا مكبا على العلم والتعليم في جامع الزيتونة مدة أربع سنوات نال في نهايتها شهادة ُ العالمية ُ في العام الدراسي 1911-1912م وعمره حينذاك ثلاثة وعشرون عاما. ثم مكث عاما خامسا في تونس ، قضاه مدرسا في جامع الزيتونة على عادة الطلبة المتخرجين في ذلك الوقت، حيث يقضي الواحد منهم عاما للتدريس لطلبة الجامع الأعظم قبل أن يعود إلى بلاده.

وقد كان عبد الحميد بن باديس معروفا بين زملائه وأساتذته بالجد في العمل، والاجتهاد في تحصيل العلم، والإقبال على دروسه، كما كان مشهورا بين مخالطيه بالاستقامة، والخلق السمح القويم، وبالمواظبة على أداء الفرائض الدينية في أوقاتها، والبعد عن مواطن الزلل والشبهات وكل ما يشين الخلق، والرجولة والشرف".

ب- العوامل التي ساهمت في تكوينه:

أما العوامل التي ساهمت في تكوين عبقرية ابن باديس، فقد أوردها الكاتب وفصل فيها، ونكتفي بتعدادها كما أوردها دون تفصيل:

"أول: توجيه والده الصالح له. ثانيا: علم أساتذته وتوجيههم ونصحهم له. ثالثا: مؤازرة زملائه في جمعية العلماء له. رابعا: تجاوب الشعب الجزائري معه. خامسا: تأثره بالقرآن الكريم".

المصدر نفسه ص171-178

ج- أهداف التربية عند باديس:

وتحت هذا العنوان توسع الدكتور تركي رابح في توضيح أهداف التربية المتوخاة من إنشاء مدارس جمعية العلماء، ونستعرض هذه الأهداف العشرة دون تفصيل تاركين للقارئ مراجعتها في المصدر المذكور:

"أولا إعداد الفرد الجزائري للحياة. ثانيا: كمال الحياة الفردية والاجتماعية. ثالثا: النهوض بالجزائريين إلي مصاف الشعوب الراقية. رابعا: المحافظة على الشخصية الجزائرية. خامسا: تكوين جيل قائد في الجزائر. سادسا: مقاومة حركات التبشير وسياسة الفرنسة والتنصير. سابعا: مقاومة سياسة الإدماج والتجنيس. ثامنا: المحافظة على الوحدة القومية للشعب الجزائري. تاسعا: تحرير الفكر الإسلامي من البدع والخرافات. عاشرا: خدمة الإنسانية في جميع شعوبها وأوطانها".

المصدر نفسه ص250-276

 

الأسئلة:

1- استخرج من النص بعض صفات ابن باديس العلمية والخلقية.

2- من علامات العظيم تجاوب الشعب معه، وهذا ما حدث مع الأمير والشيخ الحداد وابن باديس، فما السبب في نظرك؟

3- بين غاية الشيخ ابن باديس ووسائله لتحقيقها من خلال دراستك للأهداف المتوخاة من إنشاء مدارس جمعية العلماء.

4- وضح الجوانب الأخرى التي لم تذكر في النص من شخصية ابن باديس وبين أهم أعماله-والأثر الذي تركه في الشباب الجزائري.

5- عالج موضوعا واحدا مما يأتي:

قاوم الشعب الجزائري مخطط الفرنسة الذي طبقه النظام الاستعماري في الجزائر للقضاء على اللغة العربية، وقد قادت هذه الحركة شخصيات ثقافية على رأسها الإمام عبد الحميد بن باديس، والشيخ البشير الإبراهيمي، والعربي التبسي، والطيب العقبي، ومبارك الميلي، وأحمد توفيق المدني، والشيخ طفيش وغيرهم.

اختر شخصية من هذه الشخصيات أو ممن ساهموا في نشر التعليم باللغة العربية، وادرسها مبرزا أهم صفاتها ومآثرها.

ب- الجزائر مليئة بالمبدعين من كتاب وشعراء ومؤرخين ومترجمين قدماء ومحدثين ممن كتبوا بالعربية أو ترجمت كتبهم إليها.

اختر شخصية من هذه الشخصيات، وحاول جمع المعلومات عنها ثم ادرسها وفق مخطط دراسة الشخصية مبرزا أهم أعمالها ومآثرها.

ج- التاريخ العربي الإسلامي حافل بمن ملأوا الدنيا وشغلوا الناس علما وأدبا وسياسة وأخلاقا.

    اختر شخصية من هذه الشخصيات، وحاول جمع المعلومات عنها من كتب التراجم أو كتب السير الذاتية، واكتب موضوعا عاما تبين فيه أهم صفاتها ومآثرها، وادرسها وفق مخطط دراسة الشخصية.

4- عبد الرزاق بن حمادوش:1107هـ؟

1- "ولد عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري في مدينة الجزائر سنة 1107ه وعاش إلى أن تجاوز التسعين، حسب بعض الباحثين، ولكننا لا ندري متى توفى بالضبط، والغالب على الظن أن الوفاة قد أدركته بالمشرق بين 1197و1200هـ. وقد نشأ بمدينة الجزائر وتعلم بها العلوم الشائعة عندئذ، وكان من أسرة متوسطة الحال تلقب بأسرة الدباغ لأن والده وعمه، كما يظهر كانا يشتغلان بالدباغة".

2- "ورغم أن لبن حمادوش قد تثقف ثقافة معاصريه من لغة وفقه وأدب وتصوف وتوحيد، فإنه كان بطبعه ميالا إلى الكتب العلمية، وقد روي أنه درس تأليف القلصاوي في الحساب وشرح محمد السنوسي عل الحباك في الاسطر لأب، والقانون والنجاح والطلاسم لابن سينا،   ومقالات إقليدس، وشرح ابن رشد على منظومة إبن سينا، وتاريخ الدول للملطي في أخبار العلماء والأطباء، وكتاب السطي في ذوات الأسماء والمنفصلات، وطالع عبد الرحمن الفاسي في علم البونبة. كما ولع بكتب المنطق وألف فيه. وبالإضافة إلى هذه المصادر اعتمد ابن حمادوش على التجربة والمشاهدة. فقد كان يخرج للجبال المجاورة لمدينة الجزائر لإجراء التجارب والتقاط الأعشاب والتدرب على رمي البومبة ووزنها وبارودها ومسافة انطلاقها. وعندما كان في المغرب سجل ملاحظات علمية هامة أثناء مروره، وأنواع الأشجار والطيور والحيوانات وغرائبها، كما لاحظ حركات النجوم، وعالج التغلب على الحمى. ونفس الشئ فعله عندما كان في الجزائر ومصر أيضا، حيث سجل في كتابه "كشف الرموز" ما شاهده من غرائب النبات هناك، كما وضع ميزانا للماء وهو في الجزائر. ومن بين أنواع العلوم اهتم ابن حمادوش خصوصا بالطب والفلك، وألف في ذلك عدة تأليف سنذكرها".

تاريخ الجزائر الثقافي (2) د.أبو القاسم سعد الله ص 438-441

الأسئلة:

1- استخرج صفات ابن حمادوش العلمية.

2- وضح غايته في الحياة ووسائله من خلال فهمك للنص.

3- لماذا كان تاريخ العلماء في الجزائر غامضا وغير معروف لأبنائها؟

4- ماذا يجب علينا أن نفعل لمعرفة تاريخنا وأعلامنا؟

5- عالج موضوعا واحدا مما يأتي:

أ- اختر من كتب التراجم شخصية جزائرية اشتهرت باهتمامها بالعلوم الرياضية أو الطب أو الفلك وادرسها وفق مخطط دراسة الشخصية.

ج- اختر شخصية من المخترعين الذين خدموا البشرية أو المكتشفين في مجال العلوم، أو من الذين اكتشفوا لقاحات وأدوية تخفف من آلام المرضى.

تمرين2:

اقرأ النص الآتي ثم أجب عن الأسئلة:

"وما يميز محمد عبد الوهاب عن غيره من المطربين ليس جودة صوته وقوته فحسب، فخامات الأصوات الجيدة والقوية موجودة بالرغم من قلتها. ولكن ما يميزه هو غايته التي وضعها نصب عينيه، وهي النهوض بالفن وتطوير الموسيقى والأغنية العربية والوصول بهما إلى أرقى مستوى.

وقد ساعدته ملازمته لأمير الشعراء أحمد شوقي على تكوين ثقافته بمعاشرة المثقفين والأدباء وعلية القوم في مصر والعالم العربي، كما ساعدته دراسته الموسيقى دراسة علمية على التطور والانتقال من الغناء في الأعراس إلى التربع على عرش الموسيقى والأغنية العربية بالجد والكد، وانتقل بهما من طور "الدور" و "الطقطوقة" إلى الأغنية العصرية، والقصيدة التي تغنى بالفصحى، وأدخل الموسيقى الصامتة التي تؤدى دون غناء إلى الفضاء الموسيقي العربي، وزاوج في غنائه بين الفصحى والعامية الراقية. وأدخل بعض الآلات الغربية في المقامات العربية التي ليس فيها ربع الصوت، وطوع بعض الإيقاعات الغربية "كالتانجو" و"البوليرو" لتأدية القصائد بالفصحى. وغنى قصائد شوقي ورامي وأبي ماضي والأخطل الصغير وكامل الشناوي ومحمود حسن اسماعيل وابراهيم ناجي واحمد فتحي وعلي محمود طه ومحمود عبد الحي وأحمد خميس ونزار قباني من شعراء هذا العصر، كما عنى لمهيار الديلمي  وصفي الدين الحلي من الشعر القديم.

ونسجت أم كلثوم على منواله باختيارها أبرع الملحنين وأجود الشعر، وعرفت أن مسؤولية الأغنية تقع على المطرب فهو الذي يختار الشعر واللحن، وهو مسؤول عن اختياره، وزاوجت في غنائها بين العامية الراقية لبيرم التونسي ورامي وغيره من شعراء العامية، وبين الفصحى فغنت لشوقي وحافظ ابراهيم وابراهيم ناجي من مصر ولنزار قبانب من سوريا وللشاعر السعودي الأمير عبد الله الفيصل واللبناني جورج جرداق والسوداني الهادي آدم، ومن الشعر القديم لأبي فراس الحمداني وعمر الخيام (بترجمة أحمد رامي).

وجاء بعدهما الرحبانية وفيروز فخطوا بالموسيقى العربية خطوة أخرى إلى الأمام وطوروا المسرح الغنائي العربي الذي بدأه شوقي بالفصحى، وقربوه من لغة الناس اليومية فأبدعوا فيه، وطوروا الموسيقى، واستعملوا بعض الآلات والإيقاعات الغربية، وزاوجوا في أغانيهم بين العامية الراقية لأحسن الزجالين اللبنانيين والفصحى، وغنت فيروز من شعر شوقي وجبران والأخطل الصغير ونزار قباني وسعيد عقل كما غنت للشاعرين الفلسطينيين هارون هاشم رشيد وأبي سلمى، وغنت من شعر المغرب العربي القديم للحصري القيرواني كما غنت الموشحات الأندلسية.

وما يميز هؤلاء جميعا هو تكوينهم الثقافي في الروائع وتكريس حياتهم للفن واعتباره رسالة سامية، وجمعهم بين الأصالة والمعاصرة، حيث طوروا التراث وفق متطلبات العصر. وتلك صفة الرواد المبدعين. وغنوا أجمل القصائد بالفصحى بعذوبة وطلاوة فلم يلحنوا أو يخطئوا في حركة أو مد،فكانت أصواتهم خير سفير للشعر العربي وشعرائه المبدعين.

الأسئلة:

س1: يقول المثل الصيني: "أنا لا أسألك عمن يحكم هذا الشعب، ولكن عمن يكتب له الأغاني"

س2: لماذا اعتبر المثل الصيني كاتب الأغاني أهم من الحاكم؟ اختر إحدى الإجابات ثم علل إجابتك.

أ- يطرب الناس ويسليهم.

ب- يلهيهم عن الشؤون السياسية.

جـ- يؤثر في أذواقهم وتربيتهم وأخلاقهم سلبا أو إيجابا.

د- ينسيهم همومهم وأحزانهم.

س3- لماذا اعتبر الكاتب محمد عبد الوهاب وأم كلثوم والرحابنة وفيروز روادا في مجال الموسيقى والأغنية العربية؟

س4-حدد مسؤولية كل من الشاعر والملحن والمطرب في الأغنية الجيدة أو السيئة، ومن هو المسؤول الأول عنها؟ علل رأيك.

س5- هل ينطبق ما قاله الكاتب على السينما والمسرح والتلفزيون؟ ومن هو المؤول عن جودة الأفلام أو تفاهتها..هل هو الكاتب أو المنتج أو المخرج أو الممثل؟ علل رأيك.

س6- بين أهم رواد المجالات الفنية الآتية، واذين يعتبرون فنهم رسالة لتربية الناس ورفع مستواهم الفني والثقافي:

        أ- رواد الأغنية في الجزائر، الذين يهتمون بالكلمة ويزاوجون بين العربية الفصحى والدارجة وأهم أغانيهم.

        ب- رواد الفنون التشكيلية في الجزائر ثم في العالم العربي وأهم أعمالهم.

جـ- رواد المسرح الجزائري من كتاب وممثلين ومخرجين، ثم رواد المسرح العربي وأهم أعمالهم.

د- رواد السينما الجزائرية من مخرجين وممثلين وأهم أعمالهم ثم رواد السينما العربية.

س7- اختر شخصية فنية من رواد الغنية أو المسرح أو السينما أو الفنون التشكيلية تستحق الدراسة في نظرك، وادرسها وفق مخطط دراسة الشخصية.

السيرة الذاتية:

       وهي السيرة التي يتحدث فيها الكاتب عن مراحل حياته بدءا من مولده ونشأته وثقافته وأعماله حتى لحظة كتابته لترجمته الذاتية.

       وتعد من المصادر الهامة في دراسة الشخصية، ولا سيما إذا عرف عن صاحبها أنه يعرف قدر نفسه، ولا يبالغ في رفعها والحط من أقدار الآخرين ما دام القلم بيده.

       وللسيرة الذاتية نكهة خاصة، لأن صاحبها يتحدث فيها عن نفسه، فنحس بأن الكلفة رفعت بيننا وبينه، مصداقا لقول الدكتور إحسان عباس:

 "وكاتب السيرة قريب إلى قلوبنا، لأنه إنما كتب تلك السيرة من أجل أن يوجد رابطة ما بيننا وبينه، وأن يحدثنا عن دخائل نفسه وتجارب حياته حديثا يلقى منا أذانا واعية، لأنه يثير فينا رغبة في الكشف عن عالم نجهله، ويوقفنا من صاحبه موقف الأمين على أسراره وخباياه، وهذا شيء يبعث فينا الرضى".

                                            "فن السيرة"" ص 101

       ومن أهم كتب السيرة الذاتية العربية القديمة: "الاعتبار" لأسامة بن منقذ –1095-1188م- أما الحديثة فمنها "الأيام" لطه حسين و"حياتي" لأحمد أمين، و"أنا" لعباس محمود العقاد، و"حياتي" لتوفيق الحكيم. ومذكرات الأمير عبد القادر التي كتبها في السجن سنة 1849، وقد حققها د.محمد الصغير بناني، د.محفوظ سماتي، د.محمد صالح ألجون، والترجمة الذاتية للشيخ البشير الإبراهيمي.

 لقراءة الجزء التالي من هذا الفصل، انقر هنا: السيرة الذاتية- نموذج: الشيخ محمد البشيرالإبراهيمي

 لقراءة الفصل السابق انقر هنا: الفصل الخامس: طرق أخرى لدراسة الشخصية - الشاعر للطاهر وطار

للاطلاع على فصول الكتاب، انقر هنا:  الشخصية