مقـدّ مـة هذا الإصدار

من كتاب الشخصية

للكاتب عبد الله خمّار

 

        يسعدني أن أقدم للقارىء الكريم الكتاب الأول من سلسلة تقنيات الدراسة في الرواية : "الشخصية ".

        صدرت الطبعة الأولى منه في ديسمبر 1999 بالاشتراك مع دار الكتاب العربي بالجزائر وهو الحلقة الأولى من سلسلة تعالج عناصر الرواية الرئيسية الثلاثة : الشخصية والعلاقات الإنسانية والمواضيع وصدر منها حتى الآن كتابان. وستصدر السلسلة كاملة بإذن الله في هذا الموقع. وليس الهدف من اختيار الأنترنيت الاستغناء عن الطباعة والنشر ولكن الهدف تمكين الأساتذة والتلاميذ الجزائريين والعرب داخل الوطن وخارجه من الاستفادة منه والاستفادة بدوري من ملاحظاتهم وآرائهم لأن التواصل بين الأساتذة العرب ضروري لإصلاح المناهج وتطويرها. وربما تصدر طبعة ثانية من هذا الكتاب عن إحدى دور النشر الجزائرية والعربية في المستقبل.

          الجزائر ، مارس 2005                       المؤلف

 

مقتطفات من مقدمة الطبعة الأولى

دفعني الحماس والتشجيع الذي استقبل به بعض الزملاء الأساتذة والمديرين والمفتشين كتاب "فن الكتابة: تقنيات الوصف" وهو منهج مقترح لإثراء نشاط التعبير الكتابي، دفعني هذا الحماس والتشجيع إلى اقتراح منهج تستخدم فيه الرواية لإثراء أنشطة الدراسة الأدبية والبحث والتعبير في المدارس الثانوية والمعاهد التكنولوجية.

لقد عالجت الرواية الجزائرية قضايا مجتمعنا السياسية والاجتماعية في العصر الحاضر بجدية وعمق، وصورت صدامنا الحضاري مع الغرب عسكريا وثقافيا ولغويا، في المغرب والمشرق، وسجلت كفاحنا ضد الاستعمار والصهيونية، وما قاسيناه من ويلاتهما، كما رصدت مراحل نهضتنا وتطلعاتنا إلى بناء مجتمع عصري جديد متوازن يتصل حاضره بماضيه ومستقبله. وسلطت الأضواء على العلل والأمراض التي رافقت وترافق انتقالنا من النظام العشائري إلى المجتمع المدني، ومن الجهوية إلى المواطنة، ومن احترام القوة إلى احترام القانون، ووضعت تحت المجهر الشروخ العمودية والأفقية التي تسبب فيها هذا الانتقال، مبرزة الآفات الاجتماعية التي ابتلينا بها كالاستبداد والتعسف في استعمال السلطة والاختلاس والرشوة والجهويه  والمحسوبية والانبهار والاستلاب الحضاري، أو كره الغرب والخوف المرضي منه، وانتشار المخدرات والسرقة وانحسار القيم الروحية أمام الهجمة المادية إلى غير ذلك من الآفات.

ومن هذا المنطلق كان على المدرسة أن تستفيد من تجربة الروائيين الجزائريين والعرب الهادفين إلى بناء هذا المجتمع الجديد، ومن تجربة كبار الروائيين العالميين،لفهم تجربة المجتمعات الأخرى في بنائها وحربها وسلمها وعلاقاتها الإنسانية، لتعي الأجيال الجديدة طبيعة هذا التغيير، وتساهم فيه مساهمة إيجابية لتتحصن ضد الاستلاب والانبهار، وضد الكره والخوف الذي يؤدي إلى التحجر والتقوقع على الذات. تتسلح بالعلم والأخلاق وبالثقة بالنفس لتتغلب على هذه الأمراض والآفات. تتمسك بأصالتها وشخصيتها، وتتفتح على الحضارة الحالية في الغرب، مؤمنة بأنها نتاج تراكم حضارات الأمم كلها التي ساهمت فيها بما في ذلك حضارتنا العربية الإسلامية، علنا نسهم من جديد في إنتاج الحضارة بعد أن كنا مجرد مستهلكين لها في القرون الأخيرة.

وكتاب "الشخصية" هو الأول من ثلاثية بعنوان "تقنيات الدراسة في الرواية" يتبع بكتابي "العلاقات الإنسانية" و"المواضيع" في المستقبل القريب بإذن الله.

ويهدف هذا الكتاب إلى تعليم التلميذ مبادئ البحث وتدريبه عليه، حيث يجمع المعلومات المطلوبة "وهي هنا موجودة، بين دفتي الرواية" ويصنفها ويبوبها، ويستشهد بالمناسب منها فيما يكتبه.

كما يهدف إلى تدريبه على التحليل والتركيب والمحاكمة والتقييم، وتنظيم المعلومات وحسن الاستشهاد عند الكتابة الموضوعية. ولكن الاهتمام في الدراسة ينصب على الشخصية الروائية نفسها لا على الكاتب، فليس هذا مجال دراسة الكاتب أو نقد أسلوبه أو الحكم على مذهبه الأدبي.

ويمكن للتلميذ تقييم الكاتب وأعماله عند دراسة الشخصية الحقيقية في الفصل السادس، أما عند دراسة شخصياته، فهي المعنية، ولها الأولوية في الحكم والتقييم.

ولزيادة الفائدة من هذا الكتاب، أضيف له فصل يدعو التلاميذ إلى دراسة الشخصيات الحقيقية الجزائرية والعربية وغيرها من شخصيات الأمم الأخرى التي كان لها تأثير إيجابي في مسيرة مجتمعنا بشكل خاص أو مسيرة الإنسانية بصورة عامة.

وإذ لم يستطع هذا الكتاب أن يحتوي على نماذج لمعظم الروائيين الجزائريين والعرب والعالميين لضيق المجال، فطموح مؤلفه أن يتم تدارك هذا النقص أثناء التطبيق.

وإذ أضعه بين أيدي المربين الجزائريين والعرب، أرجو كما قلت في كتابي السابق أن يسهم ما يقابل به من نقد إيجابي أو سلبي في إثراء النقاش الدائر حول مناهج التعليم الجزائرية والعربية.

وأوجه شكري إلى الأستاذ محمد عيسى موسى المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية وإلى العاملين فيها على ما قدموه ويقدمونه لكل الأساتذة من مساعدة في توفير المصادر والمراجع الضرورية للبحث.كما أشكر دار الكتاب العربي على التكفل بطبع هذا الكتاب ونشره.

وفي الختام لايفوتني التنويه بما بذلته أختي عائشة من جهد في مراجعة نصوص هذا الكتاب، وكتاب "فن الكتابة: تقنيات الوصف" وما أبدته لي من ملاحظات قيمة حول محتوى فصولهما، كان له كبير الأثر في توضيح الرؤية، وتنظيم المواضيع، ودقة التمارين، فلها جزيل الشكر.

والله ولي التوفيق

 المؤلف

 للاطلاع على فصول الكتاب، انقر هنا:  الشخصية

للاطلاع على الكتب الأخرى، انقر هنا:  كتب أدبية وتربوية