البــاب الخامس: وصف المكان

من كتاب "فن الكتابة: تقنيات الوصف"

للكاتب: عبد الله خمّار

 

الـفـصــل الـثـانـي

الدار ـ الأماكـــن العامـــة ـ الحي

ا ـ الـــدار :

وتسمى السكن لأن الإنسان يجد فيها الهدوء والسكينة، والبيت لأنه يبيت فيها، والمأوى لأنه يأوي إليها بعد عناء العمل في المصنع أو الحقل أو الحانوت أو المكتب، كما تسمى المنزل وهو المكان الذي ينزل فيه الضيف المسافر. ومهما تنعم الإنسان في سفره في أرقى الفنادق وأفخم القصور، فلا يجد راحته إلا في داره. تقيه من الحرّ والقرّ وتحميه من اللصوص والمعتدين. تشهد آماله وآلامه وتحضن أفراحه وأحزانه، وصحته وأوجاعه، وتستر عيوبه. تكتم جدرانها عن الناس إن غضب وانفعل صراخه وصياحه، وإن ضحك وغنى وطرب، عربدته ومراحه، وإن ناح وبكى ندبه ونواحه. لا تبوح بأسراره ولا تشي بها إذا بقيت مغلقة، فإذا فتحت أبوابها، ودخلها زائر أو ضيف، أظهرت مزايا أصحابها من ذوق ونظافة وترتيب، أو كشفت عيوبهم من انعدام الذوق والقذارة والفوضى، ونمت عن مستواهم المادي من غنى أو فقر والفكري من ثقافة أو ضحالة، وهكذا.

  والناس ليسوا سواء في المسكن فالدور أكواخ وقصور وما بينهما من شقق عادية تضيق وتتسع حسب عدد سكانها وحسب إمكانياتهم المادية. ولا توصف الدار بالتفصيل في الرواية بل هي إطار لمعرفة أحوال السكان بصورة مجملة، أما التفصيل فيكون في وصف الغرفة لأنها الجزء الهام من الدار والذي يكشف بوضوح عن صاحبه أو أصحابه. ويصف الكاتب إذن من الدار القدر الذي يحقق غرضه، لا أكثر ولا أقل، ونبدأ بمثال:

دار سبيطار (محمد ديب):

  "تشبه دار سبيطار أن تكون بلدة. رحابها الواسعة جدا تجعل من المتعذر على المرء أن يقول ما عدد السكان الذين تؤويهم على وجه الدقة".

  "إنها بيت كبير عتيق موقوف على سكان همهم الأكبر اختصار النفقات، واجهة ليس فيها شيء من تناسق، تطل على الشارع الضيق الصغير، وبعد الواجهة رواق المدخل، وهو رواق عريض مظلم، أخفض من الشارع، وهو ينعطف حتى يحجب النساء عن أبصار المارة، ويتصل الرواق بفناء على الطراز القديم في وسطه بركة ماء.

  كانت عيني وأولادها يسكنون بعضهم فوق بعض كسائر الناس هنا، إن دار سبيطار ملأى كخلية نحل".

                                                                                                          الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 64

غرض الوصف:

  الوصف الذي بين أيدينا الآن هو وصف للسكان من خلال المكان، ولعل اسم "دار السبيطار" اسم موحٍ أراد الكاتب أن يقول عبره إن السكان كلهم مرضى بشكل أو بآخر في زمن الاستعمار فإن لم يكن المرض جسميا فهو نفسي، وهل هناك مرض أشد من الفاقة والفقر.

  صحيح أنه يتحدث عن رحابة المكان وكبره وكثرة عدد السكان فيه، كما يتحدث عن قدمه وعدم تناسقه، وظلمة الرواق المفضي إليه، واتصاله برواق في وسطه بركة ماء، ولكن ذلك كله إطار نرى من خلاله حالة السكان الذين يسكن بعضهم فوق بعض، وهم في كثرتهم الكاثرة كخلية النحل، إن دار السبيطار هي الإطار الذي نرى من خلاله فقرهم وتزاحمهم. وأهمية المكان لا تأخذ مكانها من طراز بنائه ولا ممن بناه، بل ممن يسكنه، وهذا هو الفرق بين الوصفين: وصف المكان لذاته، ووصف المكان لمعرفة أحوال سكانه.

اكتظاظها بالسكان:

  ومع كل ذلك فقد أعلمنا هذا الوصف القصير برحابة الدار ولكنه كشف لنا في الوقت نفسه عن ضيقها بالنسبة إلى السكان. ومن اسم دار السبيطار أي المستشفى، نعرف أن كل عائلة تسكن في غرفة. وتسكن عيني إحدى بطلات الرواية مع أولادها في غرفة بعضهم فوق بعض، كما عرّفنا بموقع الدار المطلة على الشارع الضيق الصغير، وبأن واجهتها قبيحة ينقصها التناسق، وبأن الرواق المفضي إلى الدار عميق مظلم (في النهار) لأنه أخفض من الشارع أولا وينعطف ثانيا ليشكل حاجزا يحجب النساء، فلا يجد النور منفذا إليه، وهذا الرواق يوصل إلى فناء في وسطه بركة ماء، ويعني أنه مبني على الطراز العربي القديم. وهذا الإطار يكفينا لمعرفة أهم ما يميز سكان دار السبيطار: الفقر والضيق. ولذا سنفهم من خلال أحداث الرواية انفعال عيني الدائم وصراخها واحتجاجها وضربها لأولادها أحيانا رغم حبها لهم. فقد جرب العلماء التضييق على الفئران، فوضعوها في مكان ضيق فأخذت الأم تعض أولادها، فما بالك بالمصيبتين الضيق والفقر.

سكن الجزائريين والأوروبيين:

  ويرينا محمد ديب التناقض بين هذه الدار التى تسكنها أعداد لا تحصى من الجزائريين وبين دار أخرى يسكنها أحد المستوطنين الأوربيين مع زوجته وولده:

  "وصل الثلاثة أمام إحدى الفيلات بعد أن داروا دورة لدخول دكان بقال من البقالين. دخل الرجل وابنه أولا الفيلا، ثم أشار إلى عمر أن ادخل".

                                                                                                                            المصدر نفسه ص 354

وليس الكاتب بالطبع بحاجة إلى أن يصف لنا الفيلا فهي عبارة عن قصر مصغر.

خصائص هذا الوصف:

  ونعود إلى نص "دار السبيطار" فنجد أن الكاتب انطلق في وصفه من العام إلى الخاص فتحدث عن البناء وواجهته ككل ثم حدد موقعه ثم انتقل بنا إلى الداخل عن طريق الرواق فوصلنا إلى البركة ثم إلى غرفة عيني.

  أما تعاطفنا مع المكان. فنحن نحب هذا المكان لأننا نحب سكانه ونشفق عليهم لأننا نعتبرهم أهلنا. وقد استعمل من عناصر الوصف الأشكال، كما استعمل الأفعال الحركية التي توحي بالحركة: فالواجهة "تطل" على الشارع  والرواق "ينعطف" حتى يحجب النساء. وننتقل إلى مثال آخر لنجيب محفوظ يصف فيه مقر إقامة الغانية رادوبيس، ونقتطف منه ما يأتي:

قصر بيجة (نجيب محفوظ):

  "وكان القصر يُرى عن بعد في نهاية الحديقة اليانعة التي تنتهي معارجها إلى سيف النيل. تحوط به أشجار الجميز، ويحنو عليه النخيل، كأنه زهرة بيضاء نبتت في أحضان تلك الجنة الوارفة، فهبطت "رادوبيس" أدراج السفينة، ووضعت قدمها على أولى درجات الحديقة، وصعدت سلما من المرمر المصقول يمتد بين سورين من الجرانيت تنتصب على الجانبين مسلات عالية نقشت عليها أشعار رقيقة لرامون حتب. إلى أن بلغت أرض الحديقة السندسية".

  " ثم خلصت إلى ممر وسيط اصطفت على جانبيه الأشجار، تعانقت أعالي أغصانها، فظللت عليه سقفا من الأزاهر والأوراق الخضراء، وفرشت أرضه بالحشائش والأعشاب. وكانت توازيه عرضا من اليمين والشمال ممرات جانبية قدت على نفس الصورة، تنتهى ذات اليمين إلى الكرمة المتفرعة المتسلقة على أعراش من عمد رخامية تنبسط إلى يمينها غابة من الجميز، وتمتد إلى يسارها غابة من النخيل أقيمت فيها هنا وهناك بيوت القردة والغزال وانتثرت في جنباتها المترامية التماثيل والمسلات.

  وانتهت بها قدماها إلى بركة واسعة من ماء غير آسن، ينطلق على شطآنها نبات اللوتس، ويسبح على سطحها الإوز والبط وتغني في جوها الأطيار، وقد انتشر شذى العطر وأريج الزهر وغردت البلابل.

  ودارت حول البركة نصف دورة كاملة، فصارت أمام الحجرة الضيقة".

                                                                                              الأعمال الكاملة (3) رادوبيس ص 389 ـ 390

بهو الاستقبال:

  ولا بأس أن نأخذ فكرة عن إحدى غرف القصر وهي البهو الذي تستقبل فيه رادوبيس ضيوفها:

  "ولدى الغروب تأهبت لاستقبال الضيوف، وما أكثرهم في أيام العيد التي تجذب الناس إلى الجنوب من كل صوب، فارتدت أجمل ثيابها، وازينت بأفخر حليها، ثم تركت المرآة إلى بهو الاستقبال، تنتظر القادمين وقد آن موعدهم.

  وكان البهو آية من آيات فن العمارة، بناه المعمار هني، وجعل صورته على هيئة بيضاوية. وشيد جدرانه من الجرانيت كبيوت الأرباب، وكساه بطبقة من الصوان ذات ألوان تسر الناظرين. وكان سقفه مقببا تزينه الصور والتهاويل، وتتدلى منه المصابيح المكفتة بالذهب والفضة.

  وزخرف الجدران المثال هنفر، وتنافس العشاق في تأثيثه بإهداء المقاعد الوثيرة والدواوين الفاخرة والرياش الجميلة، وكان عرش الغانية أبدع هذه التحف جميعا فهو من العاج الثمين على قوائم من سن الفيل. وقاعدته من الذهب الخالص المحلى بالزمرد والياقوت،  وقد أهداه اياها آني حاكم جزيرة بيجة".                                                                                         المصدر نفسه ص 392

غرض الوصف:

  ما قصد الكاتب من كل هذا الوصف المفصل؟ لقد استوحى نجيب محفوظ روايته من التاريخ الفرعوني بما فيه من حقائق وأساطير لذلك أراد أن يظهر جمال القصر الفرعوني للقارئ الحديث كمثال للحضارة الفرعونية، إلى جانب توظيفه للوصف في إظهار تسابق كبار رجال المملكة وفنانيها إلى زخرفة هذا القصر وتأثيثه للتأكيد على مكانة رادوبيس في قلوب الرجال وتمهيدا للحدث العام وهو لقاؤها بفرعون وتعلقه بها إلى درجة إهمال واجبات الحكم والسياسة في سبيلها.

خصائص هذا الوصف:

  ونرى أن نجيب محفوظ انتقل أيضا من العام إلى الخاص، فقد أرانا القصر عن بعد كأنه زهرة بيضاء ثم أدخلنا حديقة القصر بصحبة رادوبيس ليكون وصفه أكثر حيوية ودفئا بالحضور الإنساني، واجتزنا الحديقة حتى وصلنا إلى إحدى حجرات القصر ومن الواضح أن زمن الوصف هو النهار، ما دام القصر "يرى عن بعد كأنه زهرة بيضاء"، ثم وصف لنا الحديقة بدرجها المرمري ومسلاتها العالية وسوريها من الجرانيت، وكرمتها المتسلقة على العمد الرخامية، وغابتيها من الجمّيز والنخيل التي تحتوي على بيوت القردة والغزال. ثم البركة الواسعة التي يسبح فيها الأوز والبط وتغني فيها الأطيار والبلابل، وينتشر على شطآنها نبات اللوتس، ويفوح فيها العطر والزهر.

وهكذا نرى أن خصائص هذا الوصف هي:

  الانتقال من العام إلى الخاص، والإشارة إلى زمن الوصف، وتحديد الموقع، وإضفاء الحيوية على الوصف بالحضور الإنساني ثم ذكر ما تحتويه الحديقة من نبات وحيوان وطيور وعمران. ونستنتج ما يوحي به كل ذلك من البذخ والدلال اللذين تعيش فيهما تلك الغانية، وما ينبئنا عن حضارة أولئك القوم، وهما الغرضان الأساسيان من الوصف.

  أما التعاطف مع المكان، فمن ذا الذي لا يتعاطف مع طبيعة فيها كل هذه الفتنة والسحر والجمال؟

استعمال عناصر الوصف الخارجي:

  وقد استعمل الكاتب معظم عناصر الوصف الخارجي من أشكال: "وانتثرت في جنباتها المترامية التماثيل والمسلات"، و"صعدت سلما من المرمر المصقول يمتد بين سورين من الجرانيت"، ودارت حول البركة دورة كاملة".

كما استعمل الألوان: "كأنه زهرة بيضاء"، "فظللت عليه سقفا من الأزاهر والأوراق الخضراء "، والأصوات: "وتغني في جوها الأطيار"، "وغردت البلابل"، ولم ينس الروائح: "وقد انتشر شذى العطر وأريج الزهر."

الحركـــة:

  والحركة متميزة في هذا النص، فإلى جانب حركة رادوبيس في الحديقة، نرى سباحة الإوز والبط، وأكثر من ذلك نرى استعمال الأفعال الحسية والحركية التي توحي بحركة الطبيعة نفسها، فالحديقة "تنتهي معارجها إلى سيف النيل"، "وتحوط بها أشجار الجميز" ويحنو عليها النخيل"، "تنتصب على الجانبين مسلات عالية"، "اصطفت على جانبيه الأشجار"، "وتعانقت أعالي أغصانها فظللت عليه سقفا"،"وفرشت أرضه بالحشائش"، "وانتشرت في جنباتها المترامية التماثيل والمسلات".

  وننتقل الى البهو فقد وصفه لنا عند الغروب، ودخلنا إليه أيضا مع رادوبيس لاستقبال ضيوفها، ومن الواضح أنه واسع، وانتقل في وصفه من العام إلى الخاص فهو على شكل بيضاوي، أما بناء جدرانه وزخرفتها وزينة السقف والأثاث الفاخر بما فيه عرش رادوبيس فيوحي أيضا برفاه صاحبته، ومنزلتها في نفوس محبيها، كما يوحي بجمال القصور الفرعونية، وهما الغرضان الأساسيان من وصف محفوظ، ولا شك أيضا بأننا بهرنا بسحر هذا القصر، وتعاطفنا تعاطف إعجاب بفن عمارته وحسن زخرفته وروعة أثاثه.

  وقد استخدم الكاتب من عناصر الوصف الخارجي الأشكال والألوان والأضواء.

الخلاصة:

ومن هذا نستطيع أن نطبق على الدار نفس قواعد الوصف التي طبقناها على الغرفة:

   1 ـ تحديد الموقع .

   2 ـ زمن الوصف .

         3 ـ الانتقال من العام إلى الخاص: الشكل والحجم ثم حالة الأرضية و الجدران.

        4ـ الأثاث.

        5 ـ الحضور الإنساني .

   6 ـ استعمال عناصر الوصف الخارجي.

         7 ـ التعاطف مع المكان.

        8 ـ الغرض من الوصف.

والغالب في الرواية أن يكون الوصف مختصرا، ويوظفه الكاتب كإطار أو مقدمة للحديث عن السكان، كما نرى في الوصف الآتي:

دار جمعية الضريرات(نجيب محفوظ):

  "وذهب إلى دار جمعية الضريرات مبكرا، ووجدها دارا كبيرة أنيقة، تحيط بها حديقة غناء وارفة الظلال، فسار إلى بهو عظيم مستطيل، يتصدره مسرح كبير، وقد تراصت به صفوف المقاعد الخضر، وعلى الجانبين أبواب الشرفات المطلة على الحديقة.

                                                                                                 الأعمال الكاملة (3) القاهرة الجديدة ص 783

تمرين 1:

   إقرأ النصوص الآتية واستخرج القواعد التي اتبعها الكاتب في وصفه بما فيها عناصر الوصف الخارجي، ثم بين ماذا تخبرك كل منها عن أصحابها؟

1 ـ مسكن "لارا" الجديد(باسترناك):

  "وانتقلت "لارا" فور شفائها إلى المسكن الذي اختاره لها "كولوجريفوف" بالقرب من سوق "سمولنسكي". وكانت الشقة في أعلى بيت ذي طابقين يبدو عليه القدم. وكان يسكن الجزء المقابل من البيت جماعة من الحمّالين وحوذية النقل، بينما يستخدم الطابق الأرضي كمخزن للبضائع. أما الفناء المرصوف، فكان دائما يفرش بالبرسيم والشوفان. وبينما كانت أسراب الحمام تختال هناك، وتصفق بأجنحتها في جلبة بالقرب من نافذة "لارا" كانت أسراب الجرذان تمرح أيضا في الميازيب".

                                                                                                                                دكتور جيفاغو 178

2 ـ بيت مصطفى سعيد( الطيب صالح):

  "أتلفَّتُ حولي كأنني أحاول أن أجد في غرف البيت وجدرانه الجواب على الأسئلة التي تدور في رأسي، لكنه كان بيتا عاديا، ليس أحسن ولا أسوأ من بيوت الميسورين في البلد، منقسم إلى جزئين كبقية البيوت، جزء للنساء، والقسم الذي فيه "الديوان" للرجال. ورأيت إلى يمين الديوان غرفة من الطوب الأحمر. مستطيلة الشكل ذات نوافذ خضراء وسقفها لم يكن مسطحا كالعادة، ولكنه كان مثلثا كظهر الثور. ( سبق وصف هذه الغرفة وهي مكتبة مصطفى سعيد).

                                                                                                                موسم الهجرة إلى الشمال ص 63

3 ـ دار الطلبة(نجيب محفوظ):

  "تقع دار الطلبة على ناحية شارع رشاد باشا، هي قلعة هائلة ذات فناء مستدير واسع، يقوم بنيانها على محيطه في شكل دائرة مكونة من طباق ثلاثة، يتركب كل واحد منها من سلسلة دائرية من الغرف المتلاصقة تفتح أبوابها على ردهة ضيقة تطل على الفناء. كان الأصدقاء الثلاثة يسكنون ثلاث حجرات متجاورة في الطابق الثاني، وقد صعد مأمون إلى حجرته الصغيرة وأخذ في تغيير ملابسه، وكانت الحجرة مؤثثة بفراش صغير، يقابله صوان، يتوسطهما وراء النافذة الصغيرة مكتب متوسط وضعت عليه الكتب والمراجع".

                                                                                                    الأعمال الكاملة(3)القاهرة الجديدة  ص 722

4 ـ البيت المتطرف(ماكسيم غوركي):

  "وفي طرف المدينة، في شارع مقفر بالقرب من سرادق أخضر، كان نيقولا إيفانوفيتش يقيم في منزل مؤلف من طابقين: منزل كالح عتيق مشرف على الانهيار. وكانت تنبسط أمام هذا المنزل حديقة صغيرة ظليلة، وكانت أغصان الليلك والطلح وأوراق الحور الطرية الفضية، تلقي نظراتها الحنون من نوافذ الحجرات الثلاث لهذا المسكن".

  وكانت الحجرات صامتة نظيفة، والظلال المسننة تتراقص خرساء على الأرض. وعلى الجدران كانت تمتد رفوف مثقلة بالكتب، تحت صور لشخصيات قاسية الملامح".

                                                                                                                                         الأم ص 225

تمرين 2 :

إقرأ النص الآتي ثم أجب عن الأسئلة التي تليه:

البيت الكئيب (إلفة الإدلبي):

  "لكم كان بيتنا كئيبا... لم أشعر بكآبته كما أشعر بها اليوم. كان من تلك البيوت الحديثة المرصوصة إلى جانب بعضها في حواري ضيقة يكاد الهواء يشح فيها أحيانا كثيرة، وكنا نسكن الطابق الثاني. كم حاولت أنا وأبي أن نغير ترتيب بيتنا هذا أو تقسيمه لكن أمي كانت تعارض رأينا، ولم نفلح في إقناعها أبدا.

  كانت أمي من الصنف الذي يعيش للناس فقط، من أجل أن يرضيهم ويعجبهم، لا من أجل أن يرضي نفسه ويرفه عنها. ويؤلمني أن أكثر نساء بلدنا من هذا النموذج، كانت أمي قد جعلت من أحسن غرفة في البيت صالة استقبال، ووضعت فيها أجود ما لدينا من أثاث . وكانت تستقبل فيها ضيوفها مرة واحدة في الشهر، في اليوم الخامس عشر منه أو عندما يجيئنا ضيف طارئ، وقلما كان يجيء. و لما كنا، أنا وأبي، نحب أن نجلس في هذه الغرفة ولا سيما أيام الشتاء حيث تنتشر فيها الشمس من دون البيت كله أو أيام الصيف حيث يلعب فيها نسيم ندي عندما تفتح شبابيكها العريضة المطلة على فسحة في نهاية الشارع مزروعة بالحشيش الأخضر، وشجيرات الدفلى ذات الأزهار الحمراء، كانت أمي تنزعج منا جدا خشية أن يهترئ الأثاث من جلوسنا عليه، أو تتسخ الستائر البيضاء من دخان سجاير أبي الذي كان يدخنها باستمرار. فصارت أمي تقفل بابها بالمفتاح وتخفيه عنا في مكان لا تطوله أيدينا.

  أما بقية الغرف، الغرفة الصغيرة التي تخصني، وتلك التي تكبرها قليلا وينام فيها أبي وأمي ثم "الداكونة" الملاصقة للمطبخ، وقد حولتها أمي بعد أن فتحت فيها كوة صغيرة تطل على مدخل البيت إلى غرفة جلوس وطعام في آن واحد، فكنا ننحشر فيها ونمضي أكثر أوقاتنا فيها. هذه الغرف كلها كانت أشبه ما تكون بزنزانات محشوة بأثاث عتيق كالح. من أجل هذا كله كان أبي لا يستقر في البيت إلا لماماً: أثناء النوم والطعام فقط ثم يهجره إلى المقهى ليلعب الطاولة مع رفاقه وقد لا يعود من هناك قبل منتصف الليل".

                                                                                                                     دمشق يابسمة الجزن ص 52

الأسئلة:

1 ـ ما غرض هذا الوصف في نظرك؟ وضح إجابتك.

2 ـ لماذا انتقدت الكاتبة البيوت الحديثة؟ وهل هي محقة في ذلك؟

3 ـ ما الذي يكشفه لك هذا النص من صفات ساكنيه؟ ومن علاقة كل منهم بالآخر؟

4 ـ ما نموذج النساء الذي انتقدته الكاتبة؟ وهل توافقها في ذلك؟ وضح السبب.

5 ـ هل تحس بعاطفة نحو هذا البيت؟ وما نوعها إن وجدت؟

تمرين 3:

  ـ استخرج من الرواية التي تطبق عليها وصف دار أو أكثر وبين القواعد التي استعملها الكاتب في الوصف، بما فيها الغرض منه وعناصر الوصف الخارجي.

تمرين 4:

  1 ـ صف دارك أو دار أحد أقربائك أو معارفك، مستعملا قواعد وصف المكان،  وحاول أن تجعلنا نتعاطف مع هذا المكان أو ننفر منه من خلال وصفك.

  2 ـ صف دارا أثرية متهدمة وصفا مفصلا نقليا أو روائيا بغرض وصف حالة سكانها.

2 ـ الأماكن العامة:

  وهي كل الأماكن المفتوحة للجمهور مثل دور العبادة كالمساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات والمطاعم والمقاهي والفنادق والحدائق ودور السنيما والدوائر الحكومية، ومحلات التجارة والدكاكين وغيرها.

  وكما تنبئ الأماكن الخاصة عن أصحابها، كذلك تنبئ الأماكن العامة عن المسؤولين عنها أو عن زبائنها أو عن الاثنين معا في الوقت نفسه.

  فالمدرسة في القرية مثلا تنبئ عن درجة الاهتمام بالتعليم فيها، وعناية البلدية والمعلمين والسكان بها، والمطعم أو المقهى ينبئ عن زبائنه كما ينبئ عن صاحبه وهكذا. وكثيرا ما يكون وصف الأماكن العامة عارضا في الرواية أو مجرد إطار للأحداث، لأن الأحداث لا تجري في البناء كله بل في الغرف، وإذا دخلنا الغرفة انتقلنا إلى وصف الغرفة وهي التي تنبئنا بصورة أشمل وأدق عن البناء كله.

أ ـ وصف المدرسة:

  ونبدأ بوصف مدرسة القرية لعبد الحميد بن هدوقة:

  " تشتمل بناية المدرسة على ثلاثة أقسام، يتسع كل منها لخمسين مقعدا، وعلى فناء داخلي بمثابة ساحة للعب، ومرحاض ومغسلة على الجانب الأيمن وعلى دار للسكنى في الجهة المقابلة، تضم قاعة واسعة مستطيلة يمكن أن تعد للاستقبال والأكل معا، وحجرة نوم ومطبخا وحجرة أخرى جهزت بدوش ومغسلة. ولما انتهى تطواف المعلم ومستقبليه بالمدرسة وأقسامها وبيوتها.. الخ"

  "وقد كان شعر أثناء ذلك بامتعاض لما لاحظه من أوساخ رغم جمال الموقع نسبيا وهندسة البناية بعامة. اتجه إلى حقائبه التي وضعها السائق أمام باب المدرسة، وكانت عبارة عن صندوقين من حديد وثلاث حقائب من الجلد وسرير و"مضرّبة" وعِدْلين بهما أغطية وأزر وأمتعة أخرى".

                                                                                                                               نهاية الأمس ص 12

الغرض من هذا الوصف:

  إنه وصف عام للمدرسة نراه مع المعلم الذي يزورها مع مستقبليه للمرة الأولى، وقد طاف بها قبل أن ينقل حقائبه إلى سكنه فيها، فبدأ من العام إلى الخاص محددا عدد غرفها وسعتها، والفناء التابع لها، ثم حدد موقع المرحاض والمغسلة  على الجانب الأيمن، وموقع سكنه في الجهة المقابلة. أما موقع المدرسة فهو معروف في القرية، وزمن الوصف هو النهار، حيث لا يمكن أن يطوف مع مستقبليه في المدرسة إن وصل في الليل. ليس غرض هذا الوصف التعريف بالمدرسة بقدر ما هو التعريف بالقرية. ففيها ثلاثة أقسام، وهذا يعني أنها قرية صغيرة ذات معلم وحيد، وأن المدرسة جديدة فيها، كما نلاحظ عدم عناية السكان بها، ونلاحظ أيضا جهل السكان حيث لا يوجد متعلم مؤهل بينهم لذلك أتى هذا المعلم من منطقة أخرى ليقوم بهذه المهمة.

ب ـ وصف مسجد بالهند:

  ولننتقل الآن إلى نص آخر لفورستر يصف فيه مسجد شندرابور بالهند:

  " لقد أحب "عزيز" ذلك المسجد دائما، فقد كان مباركا، وكان نظامه يسره، وكان الفناء الذي تؤدي إليه بوابة مهدمة يحتوي على مستودع مياه نقية متجددة دائما، لأنه كان في الحقيقة جزءا من قناة تمد المدينة بالمياه. وكانت أرض الفناء مغطاة بالبلاط الحجري المهشم، وكان الجزء المسقوف من المسجد أعمق من المعتاد".

"وحيث جلس أخذ ينظر إلى ثلاثة أروقة يبدد ظلامها مصباح صغير مدلى، وأشعة القمر، وكانت  الواجهة، وقد ملأها ضوء القمر، قد أخذت شكل الرخام، وبرزت أسماء الله التسعة والتسعون على الإفريز سوداء، في حين بدا الإفريز نفسه في مواجهة السماء أبيض اللون، واستمتع عزيز بالتقابل بينهما و بين الظلال المتعارضة خلالهما.

  وحاول أن يتخذ من الجميع رمزا لحقيقة في الدين أو في الحب. إن المسجد وقد أسره إليه ليفسح له مجال الخيال، في حين أنه ربما ضايقه مكان العبادة لعقيدة أخرى، لتكن الهندوكية أو المسيحية أو الإغريقية، وفشل في أن يوقظ شعوره بالجمال. فهناك كان الإسلام، دولته الخاصة، أكثر من عقيدة، أكثر من صيحة حرب، أكثر بكثير، فالإسلام اتجاه نحو حياة فاضلة وباقية على السواء، حيث يطمئن كيانه وأفكاره".

                                                                                                                             رحلة إلى الهند ص 18

الغرض من هذا الوصف:

  وصف لنا الكاتب جزءا من المسجد. ولم يكن غرضه وصف المسجد نفسه، بل تسجيل ومضات الوجد الروحي التي شعر بها عزيز في المسجد. وهي مزيج من الجلال والجمال والخشوع والحب في جو شاعري بديع، حيث تبرز أسماء الله الحسنى تحت ضوء القمر بحروف سوداء فوق الإبريز الأبيض كرمز لإيمان عزيز الراسخ بالإسلام ليس كعقيدة فحسب بل كسلوك ومذهب في الحياة، ولم يكن الكاتب ليستطيع نقل المشاعر الروحية الشفافة لهذا الطبيب الهندي المسلم من دون وصف المسجد.

  وهكذا كثيرا ما يقصد بوصف أماكن العبادة في الرواية، إظهار تدين زوارها من شخصيات الرواية. أو إبراز لجوئهم إلى الدين بعد تجربة قاسية أو توبتهم بعد ارتكاب جريمة أو ذنب.

ج ـ وصف مطعم:

وننتقل إلى نص آخر يصف فيه الطاهر وطار مطعما في قسنطينة اقتطفنا منه ما يأتي:

  "تردد لحظات، ثم قرر أن يقطع الساحة الصغيرة في اتجاه الدرب المقابل حيث مطعم بالباي الشهير.

  " تأمل مدخل المطعم، فلم يصدق عينيه. المكان هو المكان، لكن حاله تغير كثيرا".

                                                                                                                                    الزلزال ص 23

  "نزل درجة إلى اليمين ليجد نفسه داخل المحل. طلاء الجدران ذائب إلى درجة فقد معها لونه، المقاعد اختفت وحلت محلها مصاطب خشبية متداعية، والمناضد المستديرة، حلت محلها رفوف زنكية على الجدران.

  لا حول ولا قوة إلا بالله، أحقا هذا هو مطعم بالباي، الذي عرف الأغوات والباشوات والمشايخ وكبار القوم، أصحاب الأرض والأغنام والجاه".

                                                                                                                                 المصدر نفسه 23

"مرحبا بك تفضل"

  " أيقظه الصوت، الذي وجد له دعوة متخاذلة، غير واثقة من أن هذا الشيخ الوقور، صاحب البدله الصيفية، والحذاء الأسود اللماع يتفضل، ويجلس على مصطبة أمام رف زنكي، وإلى جانب هؤلاء المتسخين من باعة ثمرة الصبار وحمالين، ونشالين، ومعيني سائقي الشاحنات، وصناع المقاهي الرديئة ليتناول قطعة خبز بفلفلة مقلاة منذ يومين، أو بيضة مسلوقة منذ أسبوع أو بكأس لبن حامض، مخلوط بالدقيق".

                                                                                                                             المصدر نفسه ص 26

  "قابلته صورة ضخمة في إطار مذهب، فتناهض وتقدم يتفحصها. بالباي في أيام عزته وعظمته محاطا بجماعة من كبار ولاية قسنطينة الكبرى، باشاغوات وآغاوات وقياد ونواب وموظفين سامين، أنوار ثرية ضخمة تتلألأ منعكسة على ملاعق الفضة، وكؤوس البلور، ومزهريات النحاس".

                                                                                                                            المصدر نفسه ص 27

غرض هذا الوصف:

  هذا الوصف في الحقيقة يرمز إلى تغير الأمور في قسنطينة على الخصوص وفى الجزائر على العموم بعد الاستقلال، فهذا المطعم كان قبلة الموظفين الاستعماريين والمتواطئين مع الاستعمار من الجزائريين. وقد تغير حاله الآن كما تغير حال أصحابه، والدائرة التي دارت على المكان هي رمز لدورتها على أصحابه المتعاملين مع الاستعمار. حالة المطعم أصبحت مزرية وحالة صاحبه كذلك. أما الزبائن فبعد أن كانوا من علية القوم في الماضي أصبحوا اليوم ممن يعدون من سفلته في نظر صاحب المطعم طبعا الذي يؤمن بالمناصب والألقاب والمقامات، ويضع الباعة والحمالين والسائقين والصناع في كفة واحدة مع النشالين. لقد تغير المطعم وصاحبه ولكن عقليته لم تتغير، وما الصورة المعلقة في إطار مذهب إلا دليل واضح على ذلك فهو مازال يتفاخر بأيام الأغوات والباشاغوات والقياد.

د ـ وصف الدكان:

و ننتقل إلى نص آخر لنجيب محفوظ يصف فيه دكان السيد أحمد عبد الجواد:

  "عندما بلغ السيد أحمد عبد الجواد دكانه الذي يقع أمام جامع برقوق بالنحاسين كان جميل الحمزاوي وكيله قد فتحه وهيأه للعمل".

                                                                                                                             بين القصرين ص 42

  "وكان دكانه متوسط الحجم، مكدسة رفوفه وجنباته بجوالات البن والأرز والنقل والصابون. وعند ركنه الأيسر في قبالة المدخل يقوم مكتب السيد بدفاتره وأوراقه وتليفونه. وإلى اليمين من مجلسه تقوم الخزانة الخضراء داخل الجدار فوق المكتب على إطار من الأبانوس نقشت بداخله البسملة مموهة بالذهب. ولم تكن عجلة الدكان تدور قبل الضحى فجعل السيد يراجع حسابات اليوم السابق بمثابرة ورثها عن أبيه وحافظ عليها بحيويته المتوفرة".

                                                                                                                             بين القصرين ص 42

غرض هذا الوصف:

  هذه هي المرة الأولى في الرواية التي يدخلنا فيها نجيب محفوظ إلى دكان السيد أحمد عبد الجواد، فبداية الرواية تتحدث عن السيد في بيته و مع أصحابه، لذلك كان من الطبيعي أن نرى السيد في مكان عمله، وهو الإطار الذي سنراه كثيرا من خلاله في الرواية.

  وقد حدد لنا الكاتب موقع الدكان، ثم تحدث عن السيد أحمد عبد الجواد حديثا أوردناه في غير هذا المكان. وعاد إلى وصف الدكان فوصف حجمه ومحتوياته التي أعلمتنا بأن السيد تاجر يتاجر بالمواد التي امتلأت دكانه بجوالاتها ولديه مكتب وهاتف وخزانه يضع فيها أمواله وتدل على غناه، ثم البسملة التي تدل على التدين والتي وضعها شعارا له فالمتدين يبدأ أعماله الصالحة طبعا بالبسملة.

  إن الدكان مثل البيت إطار طبيعي للشخصية وللأحداث التي تدور حولها، ولكنه إطار يشكل جزءا من الصورة. ويمدنا بمعلومات هامة عن أصحابها، وعن أذواقهم وميولهم.

الخــلاصــة:

  وإذا استعرضنا النصوص السابقة، وجدنا أن الوصف في بعضها ليس كاملا، كوصف المدرسة والمسجد و أن الوصف في بعضها الآخر تدريجي بحيث اضطررنا لأخذ المقتطفات الوصفية، كما نرى في وصف المطعم حيث اضطررنا لحذف حوار الراوي مع بالباي صاحب المطعم، وفي وصف الدكان كذلك. ونستطيع القول إن الكاتب لا يصف من المكان إلا القدرالذي يخدم غرضه فليس من الضروري أن يتقيد بقواعد الوصف كلها. فهو قد يحدد الموقع والحجم وزمن الوصف والأثاث كما في وصف الدكان. وقد يحدد بعضها كما في وصف المدرسة والمسجد والمطعم. كما أنه غالبا ما يلجأ إلى الوصف التدريجي للمكان كي لا يثقل على القارئ، فيفصل بين أجزائه بحوار أو حركة أو حدث أو تعليق كما فعل الطاهر وطار ومحفوظ. وقواعد وصف المكان إذن واحدة، ولكن الكاتب يستعمل منها ما يجده مناسبا.

تمرين:

  إقرأ النصوص الوصفية الآتية وأجب عن الأسئلة التي تليها:

1 ـ مستشفى إيطالي في زمن الحرب(همنغواي):

  " كان الوقت مساء عندما حضر القس، كنا قد تناولنا حساء العشاء وجمع الخدم الأطباق من على المناضد الصغيرة. اضطجعت في سريري أتطلع إلى صفوف الأسرّة، ثم توجهت بنظري خلال النافذة حيث تبدو قمم الأشجار يداعب أغصانها نسيم المساء المنعش، أما الذباب فقد بدأ يتجمع بقعا بقعا على قضبان السقف وعلى أعالي الجدران، ولم تكن الأنوار لتضاء إلا عند إدخال جريح أو إخراج آخر".

                                                                                                                       وداعا أيها السلاح ص 57

الأسئلة:

  1 ـ بين غرض الوصف من هذا النص مؤيدا رأيك بأمثلة.

  2 ـ لماذا لم تكن الأنوار تضاء باستمرار في المستشفى؟

  3 ـ بين استعمال الكاتب لتقنية الحركة في النص.

2 ـ مقهى القرية " عبد الحميد بن هدوقة ":

  " كانت الجدران والسقف والقاعة وما فرش عليها من أحصرة، الأوجاق، من بالمقهى، كلهم تضافروا على إظلام المكان. ولم تكن نافذة بأي جدار من جدران المقهى. كل ما هناك باب صغير لا يلجه الرجل الفارع إلا مطأطئ الرأس. وفكر البشير. إن أية زنزانة من زنزانات السجون أضوأ وأرحب من هذا المقهى. إن هذا المكان لا يمثل حياة الماضي السحيق للإنسان، وإنما انعدام الزمن كلية. لكن من أين يمكن للزمان أن يوجد والحركة منعدمة. منعدمة فى المقهى وفي القرية. لو كان بها أي عمل ولو صغيرا لما اتسع وقت هؤلاء الناس للجلوس واللعب في الصباح المبكر. إنهم يقتلون الوقت بينما الوقت منعدم! فهم إذن لا يقتلون شيئا. إنهم دمى "إليكترونية" تعيد اللعبة المسجلة بلا إرادة ولا وعي".

                                                                                                                               نهاية الأمس ص 49

الأسئلة:

1 ـ بين الغرض من الوصف مدعما رأيك بأمثلة من النص.

2 ـ وضح كيف تضافر من بالمقهى والجدران والسقف والقاعة والأوجاق على إظلام المكان.

3 ـ هل استعمل الكاتب تقنية الحركة في الوصف ولو بجانبها السلبي؟ علل رأيك.

تمرين 2:

1 ـ استخرج من الرواية التي تطبق عليها وصفا لمكان عام وبين غرض الكاتب من الوصف وبعض القواعد التي اتبعها في وصفه.

2 ـ صف دكانا أو محلا تجاريا تبرز من خلاله نظافة صاحبه وأناقته وتنظيمه أو العكس دون أن تذكر ذلك صراحة، مع إظهار نوع تجارته من خلال البضائع المعروضة.

3 ـ اذكر وصفا لدائرة حكومية كل ما فيها يوحي بالحركة والنشاط والبعد عن الروتين، واذكر وصفا لدائرة أخرى توحي بعكس ذلك.

4 ـ صف مدرستك وصفا تبرز فيه أهم مزاياها.

3 ـ وصف الأحياء:

  الحي تجمع سكني أنشئ فيه وحوله مسجد وكتاب ومدرسة وحمام ودكاكين ومحلات تجارية متنوعة لتلبية حاجات السكان من المواد الغذائية ومواد التنظيف والأدوات المنزلية كالأواني والأثاث والملابس والمجوهرات، ومحلات الخدمات كتنظيف الملابس وإصلاح الأحذية وغيرها.

  وتتميز الأحياء القديمة بشوارعها وأزقتها الضيقة، وتآلف سكانها ودفء مشاعرهم وتمسكهم بالعادات والتقاليد الحميدة وتعصبهم لحيهم واهتمامهم بسمعته كحي القصبة في الجزائر، وحي الميدان في دمشق وحي سيدنا الحسين في القاهرة.

  وكثيرا ما تصبح بعض شخصيات الحي وأصحاب المحلات والدكاكين في الأحياء القديمة جزءاً من الحي يصعب تصوره من دونهم، فهذا الشيخ الجمعي إمام المسجد ومعلم الكتاب وحنفي آغا الذي يلجأ إليه السكان في حل مشاكلهم، وكلمته مسموعة بين سكان الحي، وهذا الحاج محمود بائع الحليب وعمي باكير البقال، وسي آكلي الحلاق، وقدور الخباز، وعبد الرحيم الجزار، والربعي صاحب الحمام.. الخ.

  أما الأحياء الجديدة فقد أصبحت تجمعات سكنية واسعة لا يجمع بينها رابط، يكاد لا يعرف الساكن من يسكن معه في العمارة نفسها، تشقها شوارع عريضة تعج بالحافلات والسيارات والدراجات النارية.

  وقد تكثر بعض المحلات التجارية في حي من الأحياء، أو تتركز فيه مهنة من المهن فيتحول جزء منه إلى سوق أو شارع تجاري يقصده الناس من الأحياء الأخرى كباب عزون في الجزائر العاصمة، وسوق الحميدية في دمشق. وخان الخليلي في القاهرة، هو أحد هذه الأحياء التي تزدحم بالحوانيت، إلى جانب كونه حيا سكنيا، ولندخل إلى هذا الحي مع أحمد عاكف بطل رواية محفوظ:

خان الخليلي ( نجيب محفوظ):

  "وانتهى (أحمد عاكف) إلى ميدان الأزهر، واتجه إلى خان الخليلي يتسمت هدفه الجديد فعبر عطفة ضيقة إلى الحي المنشود، حيث رأى عن كثب العمارات الجديدة تمتد ذات اليمين وذات الشمال، تفصل بينها طرقات وممرات لا تحصى، فكأنها ثكنات هائلة يضل فيها البصر. وشاهد فيما حوله مقاهي عامرة ودكاكين متباينة، ما بين دكان طعمية ودكان تحف وجواهر. ورأى تيارات من الخلق لا تنقطع ما بين معمم ومطربش ومقبع، وملأت أذنيه أصوات وهتافات ونداءات حقيقة بأن تثير أعصابا قلقة كأعصابه، فتولاه الارتباك واضطربت حواسه، ولم يدر أيان يسير، فدنا من بواب نوبي اقتعد كرسيا على كثب من أحد الأبواب وحياه ثم سأله قائلا:

  ـ من أين الطريق إلى العمارة رقم 8 من فضلك؟

فنهض البواب بأدب وقال مستعينا بالإشارة.

  ـ لعلك تسأل عن الشقة رقم 12 التي سكنت اليوم؟ انظرإلى هذا الممر. سر به الى ثاني عطفة الى يمينك فتصير في شارع ابراهيم باشا. ثم إلى ثالث باب الى يسارك فتجد العمارة رقم 8.

  فشكره وانطلق إلى الممر مغمغما: "ثاني عطفة الى اليمين... حسنا ها هي ذي .. وهاهو ذا ثالث باب الى اليسار، العمارة رقم 8". وتريث قليلا ليلقي نظرة على ما حوله. كان الشارع طويلا في ضيق، تقوم على جانبيه عمارات مربعة من القوائم تصل بينها ممرات جانبية تقاطع الشارع الأصلي، وتزدحم الممرات والشارع نفسه بالحوانيت، فحانوت ساعاتي وخطاط وآخر للشاي ورابع للسجاد وخامس رفاء وسادس للتحف وسابع وثامن الخ الخ. وتقع هنا وهناك مقاه لا يزيد حجم الواحدة على حجم حانوت. وقد لزم البوابون أبواب العمارات بوجوه كالقطران وعمائم كالحليب وأعين حالمة خدرتها الروائح العطرية وذرات البخور الهائمة في الفضاء. والجو متلفع بغلالة سمراء كأن الحي في مكان لا تشرق عليه الشمس، وذلك أن سماءه في نواحي كثيرة منها محجوبة بشرفات توصل ما بين العمارات. وقد جلس الصناع أمام الحوانيت يكبون على فنونهم في صبر وأناة ويبدعون آيات بينات من أفانين الصناعة، فالحي العتيق ما يزال يحتفظ لليد البشرية بقديم سمعتها في المهارة والإبداع، وقد صمد للحضارة الحديثة يلقى سرعتها الجنونية بحكمته الهادئة وآليتها المعقدة بفنه البسيط وواقعيتها الصارمة بخياله الحالم ونورها الوهاج بسمرته الناعسة".

                                                                                                         الأعمال الكاملة (3) خان الخليلي ص 6

 

 

اهتمام محفوظ بأحياء القاهرة:

  إن وصف محفوظ يظهر بصورة جلية حبه لهذا الحي وإعجابه بصناعه وما يبدعونه من آيات الصناعة، وهذا الحب والإعجاب جعلاه يسمي الرواية باسم هذا الحي "خان الخليلي". وقد أطلق الروائي الكبير اسم بعض أحياء القاهرة القديمة على أهم رواياته: "الثلاثية"، حيث سميت أجزاؤها الثلاثة بأسماء الأحياء التي كانت لها ذكريات غالية على قلبه، "بين القصرين" الذي نشأ فيه ثم "قصر الشوق" و"السكرية "، وكذلك سمى إحدى رواياته "زقاق المدق".

خصائص هذا الوصف:

  فحبه لهذه الأحياء وتعلقه العاطفي بها قديم وهو يريد أن يخلدها في الذاكرة، وأن يرسم لها لوحات لا يستطيع الزمن أن يمحوها. ونرى استعمال الكاتب في هذا النص القصير معظم عناصر الوصف الخارجي: الأشكال والألوان والأضواء والظلال والأصوات والروائح والطعوم إلى جانب تقنية الحركة. بدأ وصف خان الخليلي بتحديد موقعه بالتقريب: "بعد ميدان الأزهر" ثم وصفه لنا وصفا عاما: "حيث رأى عن كثب العمارات الجديدة تمتد ذات اليمين وذات الشمال تفصل بينها ممرات لا تحصى". ووصف الدكاكين المتجاورة والمتناقضة والمتباينة فيما تعرضه وتبيعه، فدكان الطعمية "وهي أكلة شعبية مصرية" إلى جانب دكان التحف والجواهر. أما المارة فهم من كل جنس ولون: لابس العمامة، ومرتدي الطربوش، وواضع القبعة، إلى جانب الأصوات المنبعثة من كل مكان. وتخلل الوصف سؤال أحمد عاكف لأحد البوابين عن العمارة رقم 7 إذ أن أسرته انتقلت اليوم إلى هذا المسكن الجديد، ولأنه توجه في الصباح إلى عمله، فهو لا يعرف بالضبط عنوانه الجديد وقد أصبح ساكنا فيه. ونحن نرى خان الخليلي طبعا بعين أحمد عاكف الذي يرى هذا الحي للمرة الأولى في حياته. ويتابع محفوظ الوصف فينتقل من العام إلى الخاص فيصف لنا ضيق الشارع وطوله وهي الميزة الأساسية لخان الخليلي، ثم يصف ازدحامه بالحوانيت التي يمارس أصحابها مختلف الصناعات اليدوية من صنع التحف وحياكة السجاد وتزويق الخط ورفو الثياب وإصلاح الساعات وغيرها، إلى جانب المقاهي الصغيرة والعمارات التي تقوم على جانبيه وأمامها البوابون بوجوه سمراء غامقة كالقطران، وعمائم بيضاء كالحليب وروائح العطور والبخور المنبعثة من السوق قد خدرت نظراتهم الحالمة. وأما الصناع فهم يعملون أمام حوانيتهم بصبر وأناة وعلى مرأى من المارة ليظهروا مهارتهم في الصناعة اليدوية. ولم ينس أن يرينا السوق مسقوفا في نواحي عديدة بالشرفات الموصلة بين العمارات مما لف السوق بغلالة سمراء. لقد جعلنا محفوظ نستعمل معظم حواسنا في هذا الوصف الحي فنحن نرى ونسمع ونشم ونذوق ونحس بحركة السوق الدائبة.

غرض الوصف:

ولكن ما غرض هذا الوصف؟ هل هو مجرد إطار لأحداث الرواية؟ بالطبع لا.

  صحيح أنه يعرفنا بانتقال عاكف إلى هذا الحي الشعبي، ويعرفنا بمستوى أسرته المادي المتواضع، ولكن الغرض الحقيقي هو رغبة محفوظ في تعريف الناس بأحياء القاهرة التي يحبها. ولاسيما هذا الحي الذي أراد أن يخلده ويكرم صناعه اليدويين على إبداعهم الفني وعلى صبرهم وأناتهم. إن خان الخليلي تحفة أثرية من التحف التي تفخر بها القاهرة ويريد الكاتب إبرازها، ليحس الناس بأهميتها وقيمتها. ولا شك أن تعاطفنا مع هذا الحي هو تعاطف حب وإعجاب به وبصناعه وبما تنتجه أيديهم من بدائع وروائع.

قواعد وصف الحي:

  وإذا أردنا استخلاص بعض القواعد التي استعملها الكاتب لنستطيع استعمالها في وصف الأحياء نجدها كما يأتي:

1 ـ تحديد الموقع بالتقريب: ( قرب ميدان الأزهر).

2 ـ زمن الوصف ( نهارا)

3 ـ الانتقال من الخاص إلى العام: وصف الحي وصفا عاما في البداية ثم انتقل إلى وصف جزئياته.

4 ـ التركيز على أهم ما يميز الحي: العمارات الهائلة والممرات، حين وصفه عن بعد ثم طول الشارع وضيقه وامتلاؤه بحوانيت الصناع.

5 ـ الحضور الإنساني: وصف المارة والبوابين والصناع كجزء من لوحة الحي.

6 ـ استعمال عناصر الوصف الخارجي: الأشكال والألوان والأضواء والظلال والأصوات والروائح والطعوم إلى جانب تقنية الحركة.

7 ـ الغرض من الوصف: إبراز جمال هذا الحي الأثري القديم ومهارة صناعه.

8 ـ التعاطف مع الحي: يدفعنا الكاتب من خلال وصفه إلى حب خان الخليلي وأهله والإعجاب به وبهم.

  ولا يصف الروائيون الأحياء أو الشوارع بهذا التفصيل في الغالب، إنما يصفون جزءا منها بالقدر الذي يخدم الأغراض المتوخاة في الرواية، ولذا لا نجد تقيد الكتاب بهذه القواعد كلها. وعلينا نحن ألا نتقيد بها إلا حين يكون الغرض هو وصف الحي والشارع كموضوع مستقل، أما كإطار يعرفنا بساكنه فلا يحتاج الأمر إلى هذا التفصيل.

تمرين 1: إقرأ النص الآتي ثم أجب عن أسئلته:

الحي مجهول الاسم ( تشارلز ديكنز):

  "على مقربة من ذلك الجزء من نهر التايمس الذي تحاذيه كنيسة روزرهايث، حيث المباني على الضفتين هي الأقذر، وحيث المراكب في النهر هي الأشد اسودادا بسبب من غبار الفحامين ودخان البيوت المتلازة الخفيضة السقوف، يقوم أقذر وأغرب وأعجب حي من الأحياء الكثيرة المخبوءة في لندن، والمجهولة جهلا كاملا هي وأسماؤها أيضا عند جمهرة السكان العظمى.

  ولبلوغ هذا الموطن يتعين على الزائر أن يخوض في متاهة من الطرق المتلازة، الضيقة، الموحلة، المزدحمة بأبناء الشاطئ النهري الأشد فقرا وجلافة، والمكرسة للتجارات التي يقتضيها وجودهم هناك.

  إن السلع الأشد رخصا والأقل رقة لتتراكم في الدكاكين، وإن الملابس الأشد خشونة وابتذالا لتتدلى على أبواب التجار وتتماوج من النوافذ وأسوار البيوت. ويتعين على ذلك الزائر أن يدفع بمنكبيه عمالا من الطبقة الدنيا عاطلين عن العمل، وعددا من ناقلي الحصى، وسائقي عربات الفحم، والنسوة السليطات، والأطفال الذين لا تعلو أجسادهم غير أسمال بالية، وأوغاد النهر وأوباشه. وفيما هو يشق طريقه في صعوبة وعسر، تزعجه مشاهد بغيضة وروائح كريهة منبعثة من الأزقة الضيقة المتشعبة ذات اليمين وذات الشمال. وتصمه قرقعة عربات النقل الثقيلة المحملة بأكوام ضخمة من بضائع المستودعات الناجمة من كل زاوية ".

  " وفي أحوال كهذه يرى الغريب، حين ينظر إلى "ميل لاين" من أحد الجسور الخشبية التي تمتد فوقه، نزلاء البيوت القائمة على كلا الجانبين وهم يدلون من أبوابها الخلفية ونوافذها دلاء متنوعة وآنية بيتية من كل ضرب ليسحبوا بها الماء، حتى إذا حول عينه عن هذه العمليات إلى المنازل نفسها كان خليقا أن يستثار أعظم الاستثارة بالمشهد الذي أمامه:

  شرفات خشبية متشققة متصلة بمؤخرات نصف دزينة من البيوت على نحو مشترك تتخللها ثقوب تمكن النزلاء من النظر إلى الحمأة المنبسطة تحتها، ونوافذ محطمة مرقعة نشأت منها أوتاد لتجفيف البياضات التي لم توجد هناك البتة، وحجرات بالغة الصغر، بالغة القذارة، بالغة الضيق بحيث يبدو الهواء فيها فاسدا حتى بالنسبة إلى الأوساخ والأقذار التي تؤويها، وغرف خشبية مقحمة نفسها فوق الوحل متوعدة بالسقوط فيه، فعل بعضها ذلك من قبل، وجدران ملوثة بالوسخ وآساس مهترئة، وكل ملامح الفقر المنفرة، وكل أمارة بغيضة من أمارات النجاسة والتعفن والقمامة".

                                                                                                              أوليفر تويست (2) ص 311 ـ 312

الأسئلة:

1 ـ بين القواعد التي استعملها الكاتب في الوصف من العناصر الآتية ووضحها  بشواهد من النص:

1 ـ تحديد الموقع.

2 ــ زمن الوصف.

3 ـ الانتقال من الخاص إلى العام أوالعكس.

4 ـ التركيز على أهم ما يميز الحي.

5 ـ الحضور الإنساني.

6 ـ استعمال عناصر الوصف الخارجي: الأشكال والألوان والأضواء  والظلال والأصوات والروائح والطعوم والحركة.

7 ـ الغرض من الوصف.

8 ـ التعاطف مع الحي أو النفور منه.

س2 ـ قارن بين وصفي محفوظ وديكنز، وبين التشابه أو الاختلاف بين الحيين في الأبنية ونوع السكان والنشاطات البشرية.

س3 ـ أيهما أعجبك وصفه أكثر محفوظ أم ديكنز؟ علل إجابتك.

تمرين 2 : إقرأ النصين الآتيين وأجب عن اسئلة كل منهما.

1 ـ شارع سينوي(دوستويفسكي):

  "وعندما مرّ بشارع "سينوي"، كانت الساعة تشير إلى التاسعة تماما. وكان الباعة المتجولون وأصحاب "البسطات" القائمة في الهواء الطلق، والتجار من أصحاب المحلات الكبيرة أو الصغيرة، يغلقون أبواب متاجرهم، ويرفعون بضائعهم، وينظمونها، في داخل المحلات، ثم يعودون إلى منازلهم، وكذلك حال الزبائن الذين يأوون إلى بيوتهم أيضا.

  وكان هناك جمهرة كبيرة من صغار الناس والعمال الذين يقفون أمام دكاكين الشوائين، وفي الطوابق الأرضية، داخل الساحات القذرة والمنتنة التي أمام منازل شارع "سينوي" وعلى الأخص أمام الحانات.

  وكان راسكولينكوف يفضل هذا المكان، والأزقة المجاورة له، عندما كان يخرج من منزله، دون أن يضع أمامه هدفا معينا، فهنا، لا تلفت أطماره أنظارا هازئة، بل يمكن أن يخرج المرء، وهو يرتدي أية ثياب كانت دون أن يعيّر أحد أحدا بما يرتدي.

  وفي منعطف الزقاق "ك"، كان بائع يعرض هو وزوجته، ومستقليْن أحدهما عن الآخر، بعض البضائع. لقد كانا يبيعان الخيطان، والأشرطة، والمناديل القطنية الهندية الخ.."

                                                                                                                     الجريمة والعقاب (1) ص 90

الأسئلة:

1 ـ أذكر بعض القواعد التي اتبعها دوستويفسكي في وصف هذا الشارع.

2 ـ ما الذي يميز هذا الشارع عن غيره في نظرك؟

3 ـ بين أهمية استخدام الحركة في إضفاء الحيوية على النص.

4 ـ ما غرض هذا الوصف في نظرك؟

2 ـ شارع بيتروفكا(باسترناك):

  "كان شارع "بيتروفكا" أشبه بركن من "بطرسبورج" وضع في "موسكو" عن خطأ. فإن البيوت المتناسقة على جانبي الطريق،  الزينات غير الصارخة على واجهاتها، والمكتبة، وحانوت بيع الكتب، ورسام الخرائط، وبائع التبغ الطيب، والمطعم البديع ببابه الأمامي الذي قام على جانبيه مصباحان يشعلان بغاز الاستصباح ـ على عمودين هائلين ـ وقد كساهما الجليد .. كل هذه كانت توحي بذلك الشبه. وكان الشارع يتألق في الشتاء تألقا يجعل أي دخيل يحجم عن ارتياده، وكأنه منطقة محرمة، فقد كان سكانه من أصحاب المهن الحرة الراسخي الأقدام المحترمين، ذوي الدخول الطيبة. وهنا استأجر "فيكتور إيبوليتوفيتش كوماروفسكي" مسكنه الفخم القائم في الطابق الثالث من إحدى البنايات، يفضي إليه سلم واسع ذو سياج من خشب البلوط المتين".

                                                                                                                           دكتور جيفاغو ص 107

الأسئلة:

1 ـ لماذا لم يفصل الكاتب في وصف هذا الشارع؟

2 ـ هل هناك زمن محدد للوصف في هذا النص؟

3 ـ ما غرض هذا الوصف في نظرك؟

تمرين 3 :

  إقرأ النص الآتي ثم أجب عن أسئلته.

جادة المستشفى(فيكتور هيغو):

  "وعلى مدى البصر لم يكن ثمة ما يرى غير المسالخ، وسور المدينة، وقليل من واجهات المصانع الشبيهة بالثكنات أو الأديرة، ففي كل مكان أكواخ وأكداس من حطام الجبس وجدران قديمة سوداء كثوب حداد الأرملة. وجدران بيضاء كالأكفان.

  وفي كل ناحية صفوف أشجار متوازية، وأبنية ناهضة على نحو مستقيم: أبنية منخفضة مسطحة، وخطوط طويلة باردة، وتلك الكآبة الحدادية التي توحيها الزوايا القائمة. لا تفاوت في صفحة الأرض، لا شذوذ في الفن المعماري، لا انحراف ولا التواء، وكان ذلك في مجموعه شيئا مثلوجا نظاميا بشعا، وليس من شيء يقبض النفس كالتناظر، فالتناظر هو السأم، والسأم هو روح الأسى والكآبة، إن اليأس يتثاءب، وفي استطاعتنا أن نتخيل شيئا أفظع من جهنم التي نسام فيها العذاب، هي جهنم التي نصاب فيها بالسأم. ولو كان ثمة مثل جهنم هذه، إذن لكان هذا الجزء من جادة المستشفى جديرا بأن يكون هو المدخل إليها".

                                                                                                                              البؤساء (2) ص 22

الأسئلة:

1 ـ هل الغرض من النص اجتماعي أم فني جمالي؟ علل رأيك.

2 ـ ما أهم عنصر استعمله الكاتب من عناصر الوصف الخارجي؟ ولماذا استعمله في نظرك؟

3 ـ ما العاطفة التي تحس بها نحو هذا المكان؟ الإعجاب، النفور، الاشمئزاز، الرثاء؟ وضح وعلل.

تمرين 4 :

1 ـ صف حيك وصفا مليئا بالحياة والحركة مستخدما قواعد وصف الحي بما في ذلك عناصر الوصف الخارجي، وحاول أن تضمن وصفك العاطفة التي تكنها له.

2 ـ صف شارعا وصفا جزئيا بغرض التعريف بمستوى معيشة أحد سكانه.

3 ـ صف شارعا وصفا جزئيا بغرض التعريف بمهنة أحد العاملين فيه.

 

لقراءة الفصل التالي انقر هنا: الفصل الثالث: وصف القرية - وصف المدينة

 لقراءة الفصل السابق انقر هنا: وصف الغرفة

للاطلاع على فصول الكتاب كاملة، انقر هنا: فن الكتابة: تقنيات الوصف